وأول من قال ذلك العَجْفَاء بنت عَلْقَمة السعدى، وذلك أنها وثَلاثَ نسوة من قومها خَرَجْنَ فاتَّعَدْنَ بروضةيتعدثن فيها، فوافَيْنَ بها ليلاً في قمرٍ زاهر، وليلة طَلْقَة ساكنة، وروضة مُعْشِبة خَصْبة، فلما جلسن قلن: ما رأينا كالليلة ليلة، و لا كهذه الروضة روضة، أطيب ريحاً ولا أنْضَر، ثم أفَضْنَ في الحديث فقلن:أي النساء أفضل؟ قَالت إحداهن: الخَرُود الوَدُود الوَلُود،قَالت الأخرى:خَيْرُهن ذات الغناء وطيب الثناء، وشدة الحياء،قَالت الثالثة: خيرهن السَّمُوعالجَمُوع النَّفُوع، غير المنوع،قَالت الرابعة: خيرهن الجامعة لأهلها، الوادعةالرافعة، لا الواضعة، قلن:
فأي الرجالأفضل؟ قالت إحداهن: خيرهم الحَظِىُّ الرّضِيُّ غير الحظال (الحظال: المقتر المحاسب لأهله على ما ينفعه عليهم.) ولا التبال، قَالت الثانية: خيرهم السيدُ الكريم، ذو الحسب العميم، والمجد القديم، قَالت الثالثة: خيرهم السخِيُّ الوفي [ص 135] الذي لايُغِيرُ الحرة، ولا يتخذ الضرة، قَالت الرابعة: وأبيكن إن في أبي لنَعْتَكُنَّ كرم الأخلاق، والصدقَ عند التلاق، والفلج عند السباق، ويحمده أهل الرفاق، قَالت العَجْفَا عند ذلك: كلُّ فتاة بأبيها مُعْجَبة