نشاط المستشار الصغير:
-
57
-
0
-
0
- خط الإستواء يمر بمسجدنا;
قبل حوالي عشر سنوات وبالتحديد في المدرسة الابتدائية وأثناء حصة التربية الرياضية أو بالأحرى كما يحب الأطفال تسميتها ومع ذلك الصراخ المدوي عندما يقرع الجرس إيذاناً ببدئها ويهتفون بأعلى أصواتهم: " بدنية .. بدنية .. بدنية "
إعلم أيه القاريء أنني أتذكر تماما تلك اللحظات الجميلة وما لها من مكانة عظيمة في أنفسهم, ولكن العجيب في القصة أنه كان مع هؤلاء الأطفال ومع من كان يهتف, طفل صغير ومؤدب وفي نفس الوقت كان خجولا جداً فلا تكاد تسمع له صوتا فضلا عن اللعب مع أقرانه. فلا يلبس إلا ثوباً وكذلك حاله دوماً
ومن صفاته التى لا أريد تجاهلها تفوقه الدراسي على مستوى مدينته الصغيرة و لا أنسى أخلاقه الطيبة ومحافظته على الصلاة ومزاحمة كبار السن على الصف الأول في مسجدنا. وأكثر ما أعجبني من صفاته بره بوالديه وخلال أخرى أفضل الإبقاء عليها لعدم الحاجة إلى ذكرها فما ذكرته يؤدي الغرض من معرفة شخصية بطل قصتنا.
واعلم تماما أنني ما أوردت هذا الجزء إلا لتعلم الصلة الوثيقة بين حاضر هذا الطفل وماضيه المشرق وكذلك لتفرق بينهما وتتخذ كافة الطرق والوسائل والتي ستبني عليها حكمك في النهاية.
نعم أنني أتذكر ذلك جيداً .. حتى خرجت من ذلك الحي الصغير الذي أسكنه مع جاري الصغير لظروف الدراسة والعمل , ومن كان صغيرا سيكبر لا محال.
وقبيل أيام قليلة رأيت مع من رأى من المصلين في مسجدنا الصغير"رجلا" كذلك أحب أن أطلق عليه, وفي الحقيقة أنه عن الرجال بعيد, هالني ما رأيت "التحول الكبير" في هذا الـ ... , كيف ولماذا ؟ هل ما رأيته حقيقة أم خيال ؟ صدحت بصوتي هل من مجيب؟
للأسف لا يوجد أحد !
ذلك المؤدب, ذلك الشاطر, ذلك الخلوق, ذلك المميز . تغيرت حاله وانقلبت رأساً على عقب فمن سعة الدين إلى ضيق الدنيا ومن كمال العقل إلى أوحال الفشل, ومن زينة المظهر إلى أبشع منظر, من الحسن والجمال إلى القبح والضلال.
يرتدي ملابس لا تليق بكافر فما بالك بمن يشهد الشهادتين ويؤدي أباه الفريضتين, ملابس ملونة مخرقة مشتتة عليها عبارات غريبة, وخصلة من الشعر فوق عينيه مائلة وقطرة من دهان كريه على جبينه سائلة, كل ذلك هين وما سيأتي هو الفاجعة, يا ويلنا فقد دنت القارعة.
من ذلك المنظر قررت متابعته ومراقبته ومعرفة حقيقة التحول هذه, وماهي أسبابها.
سألت عنه فقال لي أحدهم وهو ثقة " أن هذا الغلام الحقير لا يصلي ولا إلى المعروف معرفا ولا على المنكر منكرا, يأتي إلى المسجد إذا حضر أباه من بلدة اخرى له فيها زوجة وأولاد وشؤون لخوفه منه.
على كل حال; ما رأيته بعد بضعة أيام من تلك الحادثة جعلني أقف وقفة الهاوي إلى مكان سحيق وأحزن حزنا لم يذق طعمه من فقد الرفيق, جاء الرديء بين بيوتات حارتنا وإلى أين؟ إلى المسجد:
وهنا كانت المصيبة الكبرى والكارثة العظمى, كان كما رأيته آخر مرة, لكنه اليوم فعل منكرا عظيما جاء بخط الاستواء معه في مسجدنا.
نعم إنه يكبر ويركع والمصيبة عندما يسجد وليته لم يسجد على ذلك الحال " تبين المستور والموصى على ستره" بانت عورته ورأى الجميع خط الاستواء معه وهو لا يدري فلو كان لايدري فتلك مصيبة وإن كان يدري فالمصيبة أعظم.
وإن قال قائل منكم. "من ستر مسلماً ستره الله" لم تكن الفضيحة مقصدي ومطلبي ولكني أبلغ وأوصي من تعلم آيات الله وشرعه وأحكام دينه, ثم ضيعها ولم يرعها حق رعايتها ولم يتق الله ربه فقد باء بغضب الله وعذابه إن لم يتب ويرجع الى رشده وصوابه.
وإن قال قائل منكم: "عليك بنصحه وإرشاده وتوبيخه إن لزم الأمر أقول له " لو كان واحدا وواحدا فقط لنصحنا ولأرشدنا ووبخنا, ولكن هناك الكثير والكثير جداً ممن هم على شاكلته فماذا تقول".
التعديل الأخير بواسطة المشرف: