القراءة القراءة أيها المعلمون

المارد الأصفر

عضو ذهبي

معلومات العضو

إنضم
16 يوليو 2010
النقاط
16
الإقامة
المدينة المنورة
نشاط المارد الأصفر:
181
0
0
  • القراءة القراءة أيها المعلمون
القراءة ضرورة

بقلم : رامي بن أحمد ذو الغنى

الحمد لله الذي أكرم محمَّدًا صلى الله عليه وسلم بالوحي، وجعل بحكمته البالغة أولَ الصلة بين السماء والأرض في الرسالة الخاتمة قولَه عزَّ شأنه:﴿ اقرأ ﴾؛ إيذانًا ببداية عهد جديد يعتمد التغييرُ فيه على الأخذ بأسباب العلم والمعرفة، فمن امتثلَ لهذا الأمر الإلهيِّ مستعينًا بربه اجتنى من ثمرات العلم ما يُرقِّيه ويَهديه في الدُّنيا والآخرة، وكلُّ ذلك بتوفيق الله وكرمه ﴿ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ ﴾ [العلق: 3 - 5].

فالقراءةُ ليست أمرًا ثانويًّا، بل من ضرورات الحياة لمن أراد أن يحيا على بيِّنة، وما شُيِّدت حضارةُ أجدادنا، وما عزَّت أمتُنا وارتقت عبر التاريخ، إلا يومَ كان العلم حاديَها، والقراءة أداتَها ووسيلتَها. فإن أردنا النهوضَ بأمَّتنا من كَبوتها، واسترجاع ما ضاع من مجدها وعزِّها، فما علينا إلا أن نجاهدَ نفوسَنا لنتَّخذَ القراءة عادةً ودَيدَنًا، ونتوجَّه إلى الجيل الصاعد أمل الأمَّة وعدَّتها في مستقبلها، لينشأ نشأةً طيبةً مباركةً؛ محبًّا للكتاب مغرمًا بالقراءة، شَغوفًا بالعلم حريصًا على التعلُّم، إذا أراد أن يتغنَّى تغنَّى بقول أبي الطيِّب:
أعَزُّ مكانٍ في الدُّنا سَرجُ سابحٍ ××× وخَيرُ جليسٍ في الأنامِ كتابُ



وصناعةُ الجيل ورعايتُه أمانةٌ في أعناق المربِّين والمعلِّمين، فإن لم يكن المربِّي والمعلِّم محبًّا للكتاب مغرمًا بالقراءة، شَغوفًا بالعلم حريصًا على التعلُّم، أخفق في غرس هذه القيم والمعاني في نفوس طلابه؛ إذ فاقدُ الشيء لا يُعطيه! وما من راعٍ إلا وسيُسأل عن رعيَّته حفظ أم ضيَّع؟! فلنُعدَّ للسؤال جوابًا، ولنتدارك أنفسَنا - معشرَ المعلِّمين - قبل فوات الأوان، فالمسؤوليةُ عظيمة، والناقدُ بصير.

القراءة سبيل المعلِّم للتميُّز والنجاح:
كم من معلِّم لا يقرأ إلا المقرَّر الدراسيَّ الذي يشرحُه لطلابه، ويستمرُّ في تدريسه سنوات وسنوات، لا يتعدَّاه إلى غيره! تهرم معلوماتُه وتشيخ، بل يُحنِّطُها ويتحنَّط بها؛ ليبدوَ كالغُصن اليابس في شجرة العلم النضرة المتجدِّدة، لا يواكب تطوُّرًا، ولا يأتي بجديد! يَملُّه طلابه ويَملُّهم، بل قد يكرهونه ويكرهُهم، تجده دائمَ التذمُّر والشكوى، وهو سببُ المشكلة والبَلوى! فإلى هذا النمط من المعلِّمين أهدي النصائحَ الآتية:

أولاً: اقرأ باسم ربك:
حتى تكونَ معلِّمًا مفلحًا ناجحًا لابدَّ أن تكون قارئًا مُكثرًا واعيًا، والفلاحُ والنجاح بيد الله عزَّ وجلَّ، ولا يُنالان إلا بالاستعانة به وحدَه. ونبيُّنا عليه الصلاة والسلام أوصى حَبرَ الأمَّة ابنَ عباس: ((وإذا استعنتَ فاستعِن بالله))، فإن أخلصتَ النية، واستعنتَ بربِّ البريَّة، أُعِنتَ على مُرادك، ووُفِّقتَ في طَلِبَتِك، فإذا ابتُليت ببعض العقبات والصعوبات فالهَج بالدعاء: ((اللهمَّ لا سهلَ إلا ما جعلتهُ سهلاً، وأنتَ تجعلُ الحَزْنَ إذا شئتَ سهلاً)).

عندها ستُعان على نفسك، وستجدُ البركةَ في وقتك، لتغدوَ قارئًا نَهِمًا فَهِمًا، ينفع وينتفع، ولن تخطوَ هذه الخطوةَ لتفوزَ بهذا الخير العظيم، إلا إذا أدركتَ أهميةَ القراءة وضرورتَها، وصارت لك همًّا وهاجسًا، فتدبَّر وتفكَّر، واختَر لنفسك.

ثانيًا: الاهتمام بالقراءة التخصُّصية:
ما حصَّله المعلِّم في دراسته الجامعيَّة لا يكاد يُسمن ولا يُغني من جوع، خصوصًا أننا في عصر الانفجار المعرفيِّ الذي تشهد فيه البشريةُ سباقًا في التطوُّر العلميِّ والتقانيِّ! ومن ثَمَّ صارت متابعةُ التحصيل المعرفيِّ، والاطِّلاعُ على الجديد في مجال التخصُّص واجبًا حتميًّا، فإن لم يكن هدف المعلِّم من ذلك تطويرَ ذاته والارتقاءَ بنفسه، فليكن هدفُه حفظَ ماء وجهه أن يُراق أمام طلاَّبه، إذا هم سألوه عمَّا لا يدري، أو تحدَّثوا في حضوره عن بعض المستجِدَّات العلمية التي لم يسمع عنها شيئًا! إن الزمان الذي كان المعلِّم فيه مصدرَ التلقِّي الوحيد قد ولَّى ومضى، وزاحمت المعلِّمَ اليوم قنواتٌ علمية فضائية، ومواقع إلكترونية موسوعية، لا تدَعُ صغيرةً ولا كبيرةً من أمور العلم والمعرفة إلا بحثتها، ونوَّهت بها، إجمالاً وتفصيلاً.

ثالثًا: القراءة في المجال التربويِّ:
لابدَّ للمعلِّم من القراءة في كتب التربية؛ ليتسلَّحَ بالطرائق العلمية التربوية، ويكتسبَ المهارات والأساليبَ المختلفة للتعامل مع طلاَّبه، وهذا ما يسهِّل عليه الوصولَ إلى قلوبهم، ويجعله ماهرًا في إدارة فصله، قادرًا على حلِّ المشكلات وتجاوز الصعوبات، والتأثير في نفوس تلامذته تأثيرًا كبيرًا نافعًا.


فالمعلمُ الذي نال حظًّا من الثقافة التربوية لا يحتاجُ إلى المرشد الطلابيِّ، ولا يلجأ إلى وكيل المدرسة أو المدير، بل يكون في الفصل أبًا ومعلِّمًا، ومرشدًا تربويًّا، وملجأ لكلِّ تلاميذه، عندها لا تسَل عن نجاحه وخلوده في ذاكرة طلابه، ما عاشوا.

فمن المعلِّمين من يخلُد في ذاكرة المدح والثناء والعرفان بالجميل، و منهم من يخلُد في ذاكرة اللوم والذمِّ، وكلُّ ذلك من صُنع المعلِّم نفسه، فليصنع كلٌّ منا - معشرَ المعلِّمين - الصيتَ الذي يرضاه لنفسه، وصيتُ العبد في السماء كصيته في الأرض، والخلقُ هم شُهودُ الله فيها!

رابعًا: القراءة في مجال الثقافة العامَّة:
من أهمِّ صفات المعلِّم الناجح امتلاكُه قدرًا من الثقافة العامَّة تؤهِّله للجَري في كلِّ ميدان، فهو متابعٌ للحركة الثقافية، وعلى درايةٍ بالأحوال الاجتماعية والاقتصادية، مطَّلعٌ على الصُّحف اليومية والمجلات الجادَّة الدورية، وله اهتمامٌ بثقافات الشُّعوب الأخرى، يزوِّد طلابه بالمعلومات النافعة، ويُجري بينهم المسابقات الممتعة المفيدة. فمَن كان هذا حاله أحبَّه تلامذتُه وحَرَصوا على لقائه والإفادة منه، وانتظروا درسَه بشوقٍ إلى جديد فوائده.

فطوبى للمعلِّم واسع الثقافة الذي يتخذُ من ثقافته وليجةً إلى قلوب طلابه.

خامسًا: لا تهجُر كتابَ ربِّك والقراءةَ في سيرة نبيِّك:
القرآنُ نورٌ وهداية، والمعلِّمون هم هُداة الأجيال، فإما أن يَهدوهُم إلى سعادة الدَّارَين أو إلى شقائهما! فما أحوجَ الهداةَ إلى الهداية، ولن ينالوها إلا بالاعتصام بحبل الله وتدبُّر آياته. والرسولُ - صلى الله عليه وسلم - هو خيرُ معلِّم عرفته البشرية، فمن تأمَّل سيرتَه، واقتفى أثرَه، واهتدى بهديه، كان المعلِّمَ المنشود، وعليه وعلى أمثاله الأملُ معقود، في إحياء الأمَّة والنهوض بها من كَبوتِها.

وما أخَّرتُ هذه النصيحةَ - على أهميَّتها - إلا لتكونَ مسكَ الختام، ولتبقَوا منها – زملائي الأعزَّاء - على ذُكر. أسأل الله أن يجعلنا هداةً مهتدين، غيرَ ضالِّين ولا مضلِّين.

وبعد، فتلك كُلَيماتٌ أهديتها لمن تنكَّب طريقَ القراءة من المعلِّمين، عسى أن تقعَ موقعًا حسنًا في قلوبهم، فيعودوا عَودًا حميدًا إلى عالم القراءة الجادَّة المثمرة؛ إذ هي سبيلُ فلاحهم ونجاحهم في رحلتهم العلمية والتعليمية.

وإلى كلِّ مَن استمسكَ بالقراءة عادةً ومنهجًا أقول: عرفتَ فالزم!
 

طيووف

مشرف(القسم العام -المتوسط)

معلومات العضو

إنضم
20 سبتمبر 2010
المشاركات
671
مستوى التفاعل
0
النقاط
0
بارك الله فيك وفي روائع ما تقدمه
فائق شكري واحترامي​
 

شمعةودّ

عضوية شرفية

معلومات العضو

إنضم
22 يونيو 2010
المشاركات
495
مستوى التفاعل
0
النقاط
0
الإقامة
عروس البحر جدة
1277773424.gif
 

ام بتول

عضوية شرفية

معلومات العضو

إنضم
5 مارس 2011
المشاركات
427
مستوى التفاعل
0
النقاط
0
بارك الله فيك
موضوع رائع
 

هديل الطير

مشرفة الأقسام العامة

معلومات العضو

إنضم
23 يونيو 2010
المشاركات
5,170
مستوى التفاعل
0
النقاط
36
الموقع الالكتروني
..~
بارك الله فيك
موضوع رائع ومفيد
،،
 

طارق الزعبي

عضو مميز

معلومات العضو

إنضم
23 مارس 2011
المشاركات
79
مستوى التفاعل
0
النقاط
6
والله موضوع على المحك وذو حساسية ونحن جميعا بحاجة لمثل هذا


جزاك الله عنا كل خير
 
استقدام خادمات | مكتب ترجمة معتمدة | مكتب ترجمة معتمد | اكواد خصم | الدراسة في ماليزيا | السياحة في روسيا | صيدلية | أخبار ليبيا | الضمان المطور | تصميم تطبيقات الجوال | شركة تنظيف بالرياض | شركة سيو | شركة تنظيف | ارشفة مواقع | تسويق | دعاء الوتر | كورس سيو | ارشفة مواقع | شركة مكافحة حشرات بحائل | حجر هاشمي | شركة تسليك مجاري بالقصيم | عيادات الاسنان | عيادات ليزر جدة | تصوير المنتجات | حبق مجفف عجوة المدينة | زيادة متابعين تيك توك سي في نماذج سيرة ذاتية تعلم الاسهم الامريكية تعلم الاسهم كشف تسربات المياه مساج منزلي الرياض خدمات seo المنزل الذكي تحفيظ القرآن عن بعد مدرسة خصوصية مطابخ متجر عطور حجر هاشمي حجر دبش اشعة منزلية متنقلة برنامج حسابات برنامج حسابات مدارس ترجمة علامة تجارية
التعليقات المنشورة ﻻ تعبر عن رأي منتدي لغتي وﻻ تتحمل أي مسؤولية قانونية حيال ذلك ويتحمل كاتبها مسؤولية النشر
أعلى