التوازن في حياتنا

ساعد وطني

عضو نشط

معلومات العضو

إنضم
21 مارس 2012
النقاط
0
الموقع الالكتروني
نشاط ساعد وطني:
28
0
0
  • التوازن في حياتنا
من الأمور التي يجب لفت الانتباه إليها حينا بعد حين مبدأ التوازن؛ فالتوازن سر نجاح الإنسان وتميزه، وعند النظر في مسيرة الحياة كلها نجد أنها تقوم على قاعدة من التوازنات المعقدة، وينبغي للإنسان ألا يخرج عن ذلك؛ فالانسجام مع ما بثه الله -تعالى- من سنن في كل أرجاء الحياة مصدر مهم للفلاح والنجاح، ولا بد أن نراعيه على صعيدنا الشخصي قبل أي شيء آخر، ومن الملاحظ هنا أن هناك مَن انهمك في رعاية حاجات الجسد على الحد الأقصى، بل إن نشاطا واحدا من نشاطات الجسد -كالرياضة- صار محور اهتمامه وتثقفه ومتابعاته.. وهو على الصعيد الروحي والفكري والاجتماعي، يكاد يكون مفلسا.

في المقابل نجد مَن غلب عليه الاهتمام بشؤون الفكر أو الروح أو المال وأهمل جسده، فلا يعرف شيئا عن أحواله، ولا عن علاجه، ولا مدى صلاحية أجهزته، وهذا كله من الخلل الذي يحط في النهاية من النسق العام لتوازن الشخصية كلها، وإن لم يشعر بذلك.

وحين زار سلمان الفارسي أبا الدرداء -رضي الله عنهما- صنع له طعاما، وقال له: كل فإني صائم. قال سلمان: ما أنا بآكل حتى تأكل. فلما كان الليل ذهب أبو الدرداء يقوم -أي الليل- فقال له: نم، فنام، ثم أراد أن يقوم، فقال له: نم، فلما كان آخر الليل قال سلمان: قم الآن. فصليا جميعا. وقال سلمان: إن لربك عليك حقا، وإن لنفسك عليك حقا، ولأهلك عليك حقا، فأعط كل ذي حق حقه. فبلغ ذلك النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: ''صدق سلمان''.

إن تلبية حاجات الجسد والموازنة بين الأعمال الكبيرة والأعمال الصغيرة، تخرج ذات المرء من أفق المثالية والانعزال عن الواقع، إلى الموضوعات الخارجية، لتصبح مركز توازن ودمج بين المثالية والواقعية، ومن خلال ذلك تستقيم شؤون الحياة، أو يصبح الاستمرار ممكنا، ومع هذا فإن لدى الإنسان قابلية كبيرة للانجذاب للعناية ببعض جوانب حياته أو الانهماك في الأعمال الصغيرة على حساب جوانب أخرى، ولا بد من الانتباه ومجاهدة النفس من أجل استعادة التوازن، ولا سيما حين تكون الأشياء المهملة شاقة، أو بعيدة عن نور الوعي.

ومن أهم الأمور التي يجب مراعاتها هذه الأيام، خاصة في ظل ضغوط العمل وعدم الجدولة الزمنية لها، التوازن بين الأعمال الكبرى والانهماك في الجزئيات الصغيرة.

فيمكن القول: إن الواحد منا يمارس على صعيد حركته اليومية، وبرمجة أنشطته المختلفة وظيفتين أساسيتين: وظيفة ''القائد'' ووظيفة ''المدير''.

العمل القيادي يبحث دائما في المسائل الكبرى والخطوط العريضة لمسيرة الحياة، أما العمل الإداري، فيبحث في التفاصيل والتقنيات والطرق التي تساعد المرء على النجاح في حياته.

الإدارة -كما قال أحدهم- هي تسلق السلم بنجاح. أما القيادة، فإنها تحدد إذا ما كان السلم يرتكز على الجدار الصحيح.

اتساع أنشطة الحياة على هذا النحو الذي لم يسبق له مثيل أوجد عددا هائلا من الخيارات، لكن تعقد الظروف والمعطيات المختلفة، وازدحام كل المجالات بالمتنافسين أعطى مكانة مهمة لتحديد الاتجاه واتخاذ القرار -أي لأعمال القيادة- لكن الناس يفرون من الانشغال بالقضايا الكبرى لسببين جوهريين:

الأول: أن التفكير فيها يعد شاقا، إذ إن على المرء أن يستجمع عددا كبيرا من التفاصيل والمعطيات الإيجابية والسلبية للقضية التي يفكر فيها، وهذا ثقيل على النفوس.

أما السبب الآخر فيكمن في أن البحث في القضايا الكبرى يحتاج في النهاية إلى اتخاذ قرارات كبرى، ما يجعل المرء يشعر بالخوف من عواقبها، ومن التغييرات التي تفرضها على نمط الحياة الخاصة.

كما لا ننسى أن من المفرزات السيئة للحضارة الحديثة، جعل الناس يغرقون إلى آذانهم في التفاصيل والأعمال الصغيرة، حيث صار الواحد منهم بمثابة مسمار صغير في آلة كبيرة، والهم المسيطر هو: كيف يظل هذا المسمار في موقعه أولا؟ وكيف يظل يعمل منسجما مع باقي الآلة ثانيا؟

أما التفكير فيما إذا كان وجود الآلة كله ضروريا، وفيما إذا كانت الآلة كلها تعمل في الاتجاه الصحيح، فهذا مما قل المشتغلون به، وصار ينظر إليه على أنه اشتغال بما لا يعني.

السرعة المتزايدة للتغيرات الشاملة، تجعل الخروج عن المسار الصحيح لأهداف الشخص في حياته أمرا في غاية السهولة، ما لا يوجب على الواحد منا وضع دستور عام لحياته فحسب، إنما مراجعة ذلك الدستور بين الفينة والفينة.

العادة الجديدة التي علينا أن نكتسبها هي أن يخصص الواحد منا كل فترة جلسة مفتوحة للتفكير في وضعيته العامة: أهدافه، أنشطته، وسائله، وعلاقاته .. ومحاولة اكتشاف ما يحتاج منها إلى تحسين أو إلى تجديد أو إلى تصحيح. نحن في حاجة في هذا السياق إلى أن نوسع رؤيتنا للحياة، وأن نوسع المنظور الذي ننظر من خلاله إلى الأشياء، وذلك بواسطة الخيال والوعي، والاتصال بالهدف الأسمى لوجودنا -وربط مجريات الحياة بالأهداف الكبرى، فلا يعقل أن طالب الطب ينهمك في أدق تفاصيل المحاسبة، ويجعلها الهواية والتخصص المفضل لديه، بينما تخصصه العام هو الطب، وقس على ذلك سائر الأمور.

د. عبد اللطيف القرني
نقلآ عن الإقتصادية الإلكترونية
 
استقدام خادمات | مكتب ترجمة معتمدة | مكتب ترجمة معتمد | اكواد خصم | الدراسة في ماليزيا | السياحة في روسيا | صيدلية | أخبار ليبيا | الضمان المطور | تصميم تطبيقات الجوال | شركة تنظيف بالرياض | شركة سيو | شركة تنظيف | ارشفة مواقع | تسويق | دعاء الوتر | كورس سيو | ارشفة مواقع | شركة مكافحة حشرات بحائل | حجر هاشمي | شركة تسليك مجاري بالقصيم | عيادات الاسنان | عيادات ليزر جدة | تصوير المنتجات | حبق مجفف عجوة المدينة | زيادة متابعين تيك توك سي في نماذج سيرة ذاتية تعلم الاسهم الامريكية تعلم الاسهم كشف تسربات المياه مساج منزلي الرياض خدمات seo المنزل الذكي تحفيظ القرآن عن بعد مدرسة خصوصية مطابخ متجر عطور حجر هاشمي حجر دبش اشعة منزلية متنقلة برنامج حسابات برنامج حسابات مدارس ترجمة علامة تجارية
التعليقات المنشورة ﻻ تعبر عن رأي منتدي لغتي وﻻ تتحمل أي مسؤولية قانونية حيال ذلك ويتحمل كاتبها مسؤولية النشر
أعلى