نشاط د. حنان آل مرعي:
-
165
-
0
-
0
- خطوات إبداعيّة أو منهج كامل للإبداع؟!
تعلمون أنّ الدرجة المخصّصة للتعبير الإبداعيّ صارت لا تتجاوز خمس درجات طوال العام الدراسيّ، ولا ينفع أن نجامل بعضنا علَى حساب الأجيال، فلا نمتدح التطوير دون ذكر سلبيّاته، والإسهام في علاجها. فالعالم كلّه قد سبقنا بكثير في تقدير الإبداع بأعلَى الدرجات، سواء أكان الإبداع في التعبير، الّذي تعاركنا سابقًا بمجرّد تناول إحدَى مهاراته، أو الإبداع المعلوماتيّ، بإنتاج الأفكار، الّتي عندنا لازلنا نعدّه ضالاًّ مَن يفتح فاه بفكرة غير معهودة(إبداعيّة) والإبداع التقنيّ ونحن ـ والله ـ إلَى عهد قريب نزجّ بهم في الظلام حتَّى يعترفوا لماذا يبدعون دون تصاريحنا وتبرير. لا زلنا إلَى الآن في خطوات إبداعيّة(يا دوب) بدأنا نحضر دورات تنشر ثقافة الإبداع. وفي هذا المنتدَى اللغويّ من مسؤوليّتنا الإبداع في التعبير. فهو يحتاج لفصله عن باقي المهارات اللغويّة، لما يكتنفه من صعوبات، حتَّى تقويمه، والدرجات المخصّصة، بل والوقت المخصّص له، والمكان المريح لهذا الإبداع.
تقويم إنتاج المتعلّمين في التعبير الكتابيّ الإبداعيّ
إنّنا لتقويم المتعلّمين في التعبير الكتابيّ الإبداعيّ بالذات، نجد بعض الصعوبات المتعلّقة بالإبداع عمومًا، ونخصّ منها هنا الإبداع في التعبير، الّذي طالما كان من القضايا الّتي تثار للمناقشة، وأنّ هناك حاجة لوضع منهج خاصّ بتعليم التعبير الكتابيّ الإبداعيّ، تتحدّد فيه وسائل وأدوات التقويم. وتتمثّل الصعوبة في أنّ النصّ الّذي ينتجه المتعلّم ليس كمسألة رياضيّات، ليتمّ توزيع الدرجات عليها بسهولة. فالنصّ هنا يحتاج تذوّقًا أدبيًّا، وتختلف النظرة إلَيه من مصحّح لآخر، ويحتاج لاعتبارات البلاغة والنقد. وفي هذا يقترح(صلاح فضل) الأسلوبيّات؛ لأنّها عندما شبّت أصبحت البلاغة الجديدة في دورها المزدوج، أي علْم التعبير. كما يرَى أنّ الصعوبة الّتي لازالت قائمة تتمثّل في كيفيّة إدماج العناصر الأسلوبيّة في بنية العمل الأدبيّ الشاملة، وهو العمل الّذي قام به مجموعة من أقطاب النقد الموضوعيّ، الّذي يعتمد وصف الأسلوب، بعيدًا عن نقد القيم الإنسانيّة؛ لتأثّرها بالطابع الذاتيّ. ورغم التحذيرات من هذا؛ لأنّ دراسة الأسلوب تعتمد الخطاب، وهو مادّة تستعصي عن التفكيك ـ إن أردنا الموضوعيّةـ كما يصعب تخليصها من سلطان النسبة، أي ما يُدرس في النصّ من معطيات رهينة ظروف كاتبه، وأهدافه...إلخ. إلاّ أنّه يرَى بأنّه لا يمكن لمتذوّق أن يتصوّر وجود أدب دون أسلوب، أي أنّه لابدّ من الدراسة الأسلوبيّة لتذوّق النصّ. وقد أرسَى(ليو سبيتزر) قواعد الاتّجاه للأسلوبيّات التكوينيّة؛ ويهتمّ هذا الاتّجاه بالممارسة الأدبيّة، والنقديّة. والوسيلة النقديّة لأصحاب هذا الاتّجاه اصطناع الحدس، لتحليل النصّ. وهذا الفعل يشبه الذوق الّذي اصطنعه عبد القاهر الجرجانيّ، ودعا إلَيه في مؤلّفاته(رابح بو حوش،1427هـ،56ـ90).
ويقترح(هنريش بليث) لتحليل النصّ وفكّ رموزه، الانطلاق من عمليّتين: الأولَى إفراديّة يكون التركيز فيها علَى عنصر واحد(المرسل، المرسَل إلَيه، السنن) كعلاقة النصّ بالموضوع، والثانية تركيبيّة تركّز علَى نموذج التواصل(أسلوبيّات السجلاّت، وأسلوبيّات السياق....) ولذا يولي مفهوم التركيب، والتداول، والدلالة أهمّيّة كبرَى. ويقوم التركيب علَى مجموعة محدودة من العمليّات: كالزيادة، والنقص، والتعويض، والتبادل، والتعادل، في مستويات اللغة المختلفة(الدلالة، والنَصّ...) والأسلوبيّات البنيويّة بهذا المنظار التواصليّ قد لفتت الانتباه مجدّدًا إلَى الاهتمام ببعض المفاهيم التقليديّة؛ كالأسلوب المباشر، والأسلوب غير المباشر، والأسلوب الحُرّ غير المباشر. وهي وسائل الفعل التواصليّ المرتبطة بالمخاطِب، والخطاب، ومَن يتوجّه له الخطاب. وصارت عند بعض النقّاد: الخطاب المباشر، والخطاب غير المباشر، وخطاب الغير(رابح بو حوش،1427هـ،96ـ98).
كما أنّ مصطلح"النصّ" أتَى بديلاً عن مصطلح"العمل" و"الأثر" استنادًا إلَى فلسفة التركيز علَى المتن، والتركيز علَى الدلالات المتعدّدة للنصّ بدل الدلالة الوحيدة. مع استبعاد أيّ عوامل خارجيّة؛ كالمؤلّف وسيرته. واستبدال مفاهيم"العفويّة" و"الإلهام" بمفاهيم"التنضيد" و"الإنتاجيّة" و"الممارسة" ليصبح مصطلح"النصّ" لدَى هؤلاء وسيلة لتحرير بعض الآثار الفكريّة والأدبيّة من دلالاتها التقليديّة السابقة، ومنحها معانٍ حداثيّة جديدة. لكنّهم فشلوا في حلّ مشكلة التمييز بين النصّ(ما فيه ثقافة) وغير النصّ(ما يفتقر إلَى المعنَى) ثمّ صار مفهوم النصّ داخل النموذج التواصليّ لـ(زيغفريد سميث) في مرحلة تطويع بنيات شكليّة مجرّدة، وتوظيفها لوضعيّات تواصليّة ملموسة؛ مستندًا في تعريفه للنصّ إلَى معيارين أساسيّين: المعيار الدلاليّ(وحدة الموضوع، وتماسك النصّ) والمعيار التداوليّ(طاقة إنجازيّة؛ أي التأثير في المخاطَب، وصاحب الطاقة الإنجازيّة؛ أي المتخاطِب المؤلّف) فحدث في تعريف النصّ ما حلّ هذه المشكلة؛ بعودة غير متوقّعة إلَى التحديد البلاغيّ القديم لوظيفة الخطاب، وهي الإقناع. وأكّدت دراسة ميدانيّة بأنّ الخصائص البلاغيّة العامّة، وغيرها من البنيات الّتي تضمن علَى مستوَى السطح انسجام الخطاب، لا يعيرها المتلقّي اهتمامًا أساسيًّا عند استرجاعه النصّ المرويّ(كحكاية قصّة مثلاً) حيث أكّدت معظم الأبحاث وجود بنية دلاليّة عميقة ومجرّدة ثاوية، تحرّك وتشغّل مستوَى السطح(مستوَى التجلّي اللغويّ) عبر آليّتين تركيبيّتين، هما التوسّع، والتكثيف؛ ممّا يسمح بتوليد عدد لا متناه من الجُمل، والنصوص اللغويّة المتنوّعة. ويرَى(زيغفريد شميث) أنّ البنية العميقة(النصّ الباطن) ملازم لغويّ للمفهوم النفسيّ لـ"قصديّة الإبلاغ" عند المتخاطب، وإحداث أثر من الآثار عند المخاطَب(نزار التجديتي،1422هـ،373ـ385).
تقويم إنتاج المتعلّمين في التعبير الكتابيّ الإبداعيّ
إنّنا لتقويم المتعلّمين في التعبير الكتابيّ الإبداعيّ بالذات، نجد بعض الصعوبات المتعلّقة بالإبداع عمومًا، ونخصّ منها هنا الإبداع في التعبير، الّذي طالما كان من القضايا الّتي تثار للمناقشة، وأنّ هناك حاجة لوضع منهج خاصّ بتعليم التعبير الكتابيّ الإبداعيّ، تتحدّد فيه وسائل وأدوات التقويم. وتتمثّل الصعوبة في أنّ النصّ الّذي ينتجه المتعلّم ليس كمسألة رياضيّات، ليتمّ توزيع الدرجات عليها بسهولة. فالنصّ هنا يحتاج تذوّقًا أدبيًّا، وتختلف النظرة إلَيه من مصحّح لآخر، ويحتاج لاعتبارات البلاغة والنقد. وفي هذا يقترح(صلاح فضل) الأسلوبيّات؛ لأنّها عندما شبّت أصبحت البلاغة الجديدة في دورها المزدوج، أي علْم التعبير. كما يرَى أنّ الصعوبة الّتي لازالت قائمة تتمثّل في كيفيّة إدماج العناصر الأسلوبيّة في بنية العمل الأدبيّ الشاملة، وهو العمل الّذي قام به مجموعة من أقطاب النقد الموضوعيّ، الّذي يعتمد وصف الأسلوب، بعيدًا عن نقد القيم الإنسانيّة؛ لتأثّرها بالطابع الذاتيّ. ورغم التحذيرات من هذا؛ لأنّ دراسة الأسلوب تعتمد الخطاب، وهو مادّة تستعصي عن التفكيك ـ إن أردنا الموضوعيّةـ كما يصعب تخليصها من سلطان النسبة، أي ما يُدرس في النصّ من معطيات رهينة ظروف كاتبه، وأهدافه...إلخ. إلاّ أنّه يرَى بأنّه لا يمكن لمتذوّق أن يتصوّر وجود أدب دون أسلوب، أي أنّه لابدّ من الدراسة الأسلوبيّة لتذوّق النصّ. وقد أرسَى(ليو سبيتزر) قواعد الاتّجاه للأسلوبيّات التكوينيّة؛ ويهتمّ هذا الاتّجاه بالممارسة الأدبيّة، والنقديّة. والوسيلة النقديّة لأصحاب هذا الاتّجاه اصطناع الحدس، لتحليل النصّ. وهذا الفعل يشبه الذوق الّذي اصطنعه عبد القاهر الجرجانيّ، ودعا إلَيه في مؤلّفاته(رابح بو حوش،1427هـ،56ـ90).
ويقترح(هنريش بليث) لتحليل النصّ وفكّ رموزه، الانطلاق من عمليّتين: الأولَى إفراديّة يكون التركيز فيها علَى عنصر واحد(المرسل، المرسَل إلَيه، السنن) كعلاقة النصّ بالموضوع، والثانية تركيبيّة تركّز علَى نموذج التواصل(أسلوبيّات السجلاّت، وأسلوبيّات السياق....) ولذا يولي مفهوم التركيب، والتداول، والدلالة أهمّيّة كبرَى. ويقوم التركيب علَى مجموعة محدودة من العمليّات: كالزيادة، والنقص، والتعويض، والتبادل، والتعادل، في مستويات اللغة المختلفة(الدلالة، والنَصّ...) والأسلوبيّات البنيويّة بهذا المنظار التواصليّ قد لفتت الانتباه مجدّدًا إلَى الاهتمام ببعض المفاهيم التقليديّة؛ كالأسلوب المباشر، والأسلوب غير المباشر، والأسلوب الحُرّ غير المباشر. وهي وسائل الفعل التواصليّ المرتبطة بالمخاطِب، والخطاب، ومَن يتوجّه له الخطاب. وصارت عند بعض النقّاد: الخطاب المباشر، والخطاب غير المباشر، وخطاب الغير(رابح بو حوش،1427هـ،96ـ98).
كما أنّ مصطلح"النصّ" أتَى بديلاً عن مصطلح"العمل" و"الأثر" استنادًا إلَى فلسفة التركيز علَى المتن، والتركيز علَى الدلالات المتعدّدة للنصّ بدل الدلالة الوحيدة. مع استبعاد أيّ عوامل خارجيّة؛ كالمؤلّف وسيرته. واستبدال مفاهيم"العفويّة" و"الإلهام" بمفاهيم"التنضيد" و"الإنتاجيّة" و"الممارسة" ليصبح مصطلح"النصّ" لدَى هؤلاء وسيلة لتحرير بعض الآثار الفكريّة والأدبيّة من دلالاتها التقليديّة السابقة، ومنحها معانٍ حداثيّة جديدة. لكنّهم فشلوا في حلّ مشكلة التمييز بين النصّ(ما فيه ثقافة) وغير النصّ(ما يفتقر إلَى المعنَى) ثمّ صار مفهوم النصّ داخل النموذج التواصليّ لـ(زيغفريد سميث) في مرحلة تطويع بنيات شكليّة مجرّدة، وتوظيفها لوضعيّات تواصليّة ملموسة؛ مستندًا في تعريفه للنصّ إلَى معيارين أساسيّين: المعيار الدلاليّ(وحدة الموضوع، وتماسك النصّ) والمعيار التداوليّ(طاقة إنجازيّة؛ أي التأثير في المخاطَب، وصاحب الطاقة الإنجازيّة؛ أي المتخاطِب المؤلّف) فحدث في تعريف النصّ ما حلّ هذه المشكلة؛ بعودة غير متوقّعة إلَى التحديد البلاغيّ القديم لوظيفة الخطاب، وهي الإقناع. وأكّدت دراسة ميدانيّة بأنّ الخصائص البلاغيّة العامّة، وغيرها من البنيات الّتي تضمن علَى مستوَى السطح انسجام الخطاب، لا يعيرها المتلقّي اهتمامًا أساسيًّا عند استرجاعه النصّ المرويّ(كحكاية قصّة مثلاً) حيث أكّدت معظم الأبحاث وجود بنية دلاليّة عميقة ومجرّدة ثاوية، تحرّك وتشغّل مستوَى السطح(مستوَى التجلّي اللغويّ) عبر آليّتين تركيبيّتين، هما التوسّع، والتكثيف؛ ممّا يسمح بتوليد عدد لا متناه من الجُمل، والنصوص اللغويّة المتنوّعة. ويرَى(زيغفريد شميث) أنّ البنية العميقة(النصّ الباطن) ملازم لغويّ للمفهوم النفسيّ لـ"قصديّة الإبلاغ" عند المتخاطب، وإحداث أثر من الآثار عند المخاطَب(نزار التجديتي،1422هـ،373ـ385).
التعديل الأخير: