بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
فهذه فوائد قيمة تخص العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك منتقاة من جوال زاد
علما أن جوال زاد يشرف عليه الشيخ محمد صالح المنجد
عدد هذه الفوائد = 36 فائدة
(1)
لا يجتمع اغتنام ليالي العشر مع الصفق بالأسواق، فلماذا لا نبادر بشراء حاجات العيد وغيره، قبل دخول العشر العظيمة؟!ـ
(2)
العشر الأواخر أولها ليلة إحدى وعشرين، أي ليلة (الأحد) القادم، فمن أراد أن يعتكف العشر أو أول ليلة منها؛ فإنه يدخل مسجد الاعتكاف قبل غروب شمس يوم (السبت)؛ ليبدأ ليلة إحدى وعشرين وهو في معتكفه.
(3)
أقبلت العشر أفضل ليالي الشهر، والأعمال بالخواتيم، ومن هديه صلى الله عليه وسلم فيها الاجتهاد بإحياء الليل تهجدا وتلاوة وذكرا ودعاء واستغفارا تقول عائشة:"كان يجتهد في العشر الأواخر مالا يجتهد في غيرها"
ويتعاهد أهل بيته على ذلك فكان(إذا دخل العشر أحيا ليله وأيقظ أهله وجد وشد مئزره)
فيها ليلة هي أكثر الليالي خيرا سماهاالله ليلة مباركة
(4)
كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر الأخير من رمضان:
- (شد مئزره) فاعتزل النساء
- (وأيقظ أهله) للصلاة، فلم يكن يدع أحدا من أهله يطيق القيام إلا أقامه
- (وأحيا ليله) بالصلاة والذكر وتلاوة القرآن
- (وجدَّ) في العبادة زيادة على العادة واجتهد فيها ما لا يجتهده في غيرها
- واعتكف في المسجد للعبادة وتفريغ القلب للتفكر والاعتبار
(5)
كان صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر أحيا ليله تهجدا وتلاوة وذكرا ودعاء واستغفارا وتعاهد أهل بيته على ذلك تقول عائشة(كان إذا دخل العشر أحيا ليله وأيقظ أهله وجد وشد مئزره)
(6)
فضول الطعام وكثرته:
يحرك الجوارح إلى المعاصي، ويثقلها عن الطاعات، وحسبك بهذين شرا، فكم من معصية جلبها الشبع، وكم من طاعة حال دونها، فمن وقى شر بطنه فقد وقى شرا عظيما، والشيطان أعظم ما يتحكم من الإنسان إذا ملأ بطنه من الطعام، والنفس إذا شبعت تحركت وجالت وطافت على أبواب الشهوات، وإذا جاعت سكنت وخشعت[ابن القيم: بدائع الفوائد]
(7)
كثير من المساجد تقسم صلاة الليل في العشر الأخير إلى قسمين:
- والسنة الحرص على كلتا الصلاتين، ومن شق عليه الجمع فصلاة آخر الليل أفضل.
- إذا خشي ألا يستيقظ، فلا ينم حتى ينهي صلاته ويوتر.
- لا بأس أن يصلي الأولى في مسجد، والثانية في مسجد آخر.
- إذا أنهى الصلاة في مسجد وأراد أن يزيد في مسجد آخر يتأخر عنه فلا بأس دون أن يعيد الوتر.
(8)
وجود المشقة غير المقصودة في العمرة بسبب الزحام وغيره مما يزيد في الأجر، ولكن لا بد من التنبه لأمور:
- الحرص على أداء العمرة في الأوقات التي لا يشتد فيها الزحام.
- من دخل في الإحرام فلا يجوز له فسخه بسبب الزحام إلا إذا اشترط ذلك.
- الحذر من مزاحمة النساء وملامستهن أثناء الطواف.
(9)
- الطواف بعيدا عن الكعبة أو في السطح بخشوع أفضل من الطواف بقربها بلا خشوع.
- الحرص على أن تكون الكعبة عن يساره في جميع طوافه فإن انحرف يسيرا بسبب الزحام فلا حرج.
- من شق عليه متابعة الطواف بسبب الزحام فله أن يستريح ثم يتابع بعد ذلك.
- مع وجود الزحام فالحكمة ألا تصلى ركعتي الطواف خلف المقام بل في أي مكان مناسب من الحرم.
(10)
- الأولى لغير المحرم ترك الطواف في هذه الأيام تيسيرا على إخوانه.
- تكرار العمرة من التنعيم أو غيره فيه تضييق على المعتمرين وليس هو من الأمور المندوب إليها.
- السنة في وقت الزحام الإشارة للحجر الأسود باليد وعدم استلامه.
- لا تحمل معك أشياء ثمينة حتى لا تفقد أو تسرق في الزحام.
(11)
اعتكاف الموظف:
- يحسن بالموظف أن يأخذ شيئا من إجازته ليستثمرها في إصلاح قلبه بالاعتكاف
- اشتراط الخروج من المعتكف لأجل الدوام مما يتنافى مع مقصود الاعتكاف
- لا يجوز الاعتكاف، إذا كان نظام العمل أو مصلحته لا يسمحان بذلك
- له أن يعتكف ليلة كاملة تبدأ من غروب الشمس إلى طلوع الفجر، وإجازة نهاية الأسبوع فرصة لمن أراد اعتكاف يوم كامل.
(12)
أئمة المساجد ومؤذنوها وعمالها ومحسنوها لهم دور كبير في تهيئة بيوت الله للمعتكفين، وهذا هو الشرف الكبير الذي آتاه الله إبراهيم وإسماعيل بقوله (أن طهرا بيتي للطائفين والعاكفين والركع السجود). وخدمة المعتكفين وتيسير ما يعينهم على الطاعة، لا يقل ثوابا عن الاعتكاف؛ لأن أجر التمكين من العبادة كأجر العبادة (فالدال على الخير كفاعله).
(13)
الأفضل للمأموم أن يقوم مع الإمام حتى ينصرف، سواء صلى إحدى عشرة ركعة أو ثلاث عشرة أو ثلاثا وعشرين أو غير ذلك، لحديث: (من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب الله له قيام ليلة)
فتاوى ابن باز (11/326)
(14)
هدية للمتهجد
جاء الدين العظيم لنقل الناس من الانشغال التام بالشهوات ومتاع الدنيا إلى التلذذ والشرف بمخاطبة الملك مباشرة والعيش مع جوابه
في الحديث القدسي:"قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين..فإذا قال العبد:الحمد لله رب العالمين قال الله:حمدني عبدي وإذا قال:الرحمن الرحيم قال الله:أثنى علي عبدي وإذا قال:مالك يوم الدين قال الله:مجدني عبدي..
(15)
حال الركوع من أعظم أحوال العبودية، وهو مقام لتعظيم الرب، وتسن إطالته في قيام الليل، ومما يقال فيه:
- (سبحان ربي العظيم، ويكررها كثيرا)
- (سبحان ربى العظيم وبحمده)
- (سبحان ذي الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة)
(الجبروت) تمام القهر والغلبة، (الملكوت) عموم الملك ظاهرا وباطنا.
- (سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي)
(16)
ما أجمل مشهد المعتكفين ،ويكتمل جمالهم بمراعاة :
- استثمار الأوقات الفاضلة كوقت السحر وعدم تضييعه بالنوم
- ليس الاعتكاف مجرد قضاء الوقت في المسجد ولكنه تفرغ للعبادة فيه
- الحدّ من التعارف والأخبار وتبادل الأحاديث
- ترك الانشغال بالجوال وميزات الجيل الثالث
-العناية بالنظافة فالبعض قد لا يغتسل أياما
- البعد عن المشاحنة والمزاحمة
(17)
أئمة المسجد الواحد المتعاونون في صلاة الليل بقسميها هم كالإمام الواحد بالنسبة لحديث النبي صلى الله عليه وسلم "من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة"
(18)
من أذكار الركوع والسجود : "سُبُّوح قُدُّوس رب الملائكة والروح" سُبوح قدوس:الطاهر من كلّ عيب المنزّه عن الشريك،الرّوح:جبريل عليه السلام، وورد في السجود أيضا:"سبحان ذي الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة"
(19)
(تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا)،قيل للحسن ما بال المتهجدين بالليل من أحسن الناس وجوها؟قال:"لأنهم خلوا بالرحمن فألبسهم من نوره"،صفوا أقدامهم ,وأجروا دموعهم ,يطلبون من الله فكاك رقابهم ،هذا يعاتب نفسه على التقصير ،وهذا يتفكر في هول المصير ،وهذا يخاف من السميع البصير،دأبهم الإلحاح حتى الصباح في طلب الفلاح: اللهم اعف عنا
(20)
"وهب المسيئين منا للمحسنين"
دعاء نسمعه كثيرا في القنوت، ومعناه نسأل الله أن يعفو عن المسيئين من المسلمين بدعاءالمحسنين وشفاعتهم وصحبتهم
ولاحرج فيه لأن مجالسة الأخيار من أسباب العفو،فهم القوم لايشقى بهم جليسهم، ولكن لايعتمد المسلم على هذه الأمور لتكفير سيئاته،بل يجب عليه أن يلزم التوبة دائما ويحاسب نفسه ويجاهدها على الطاعة[ابن باز]
(21)
كان صلى الله عليه وسلم إذا مر بآية رحمة سأل وإذا مر بآية فيها عذاب تعوذ وإذا مر بآية فيها تنزيه لله عز وجل سبح، يشرع ذلك للإمام والمأموم.
قال عمر بن الخطاب:{الذين يتلونه حق تلاوته}هم الذين إذا مروا بآية رحمة سألوها من الله، وإذا مروا بآية عذاب استعاذوا منها [ابن كثير]
(22)
مقصود الاعتكاف الانقطاع للطاعة وجمع القلب على الله رجاء إدراك فضل ليلة القدر
لذا لابد من مراعاة أمور:
-اختيار مسجد مناسب يجد فيه صلاح قلبه ولو غير الحرمين
-ترك فضول الطعام والكلام ومراسلات الجوال فذلك أدعى لرقة القلب وحفظ الوقت
-الاعتكاف فرصة لتحري أوقات الإجابة والمحافظة على السنن
-اصطحاب شيء من كتب التفسير والرقاق لشحذ الهمة
(23)
تستحب صلاةالوتر مع الإمام،قال أحمد بن حنبل:يعجبني أن يصلي مع الإمام ويوتر معه[المغني]
-فإن أوتر مع الإمام وأراد أن يصلي من الليل صلى بعده ماشاء شفعا ولا يوتر مرة أخرى لحديث(لا وتران في ليلة) [المجموع]
-فإن أراد أن يوتر آخر الليل قام بعد سلام إمامه من الوتر فصلى ركعة أخرى ولم يسلم مع الإمام[المغني]
ولكن الأول أولى وأبعد عن الرياء
(24)
من لم يستطع اعتكاف العشر لتحري ليلة القدر فله أن يعتكف بعض الليالي التي يرجى فيها إدراكها،فعن عبدالله بن أنيس قال قلت يارسول الله:أكون بباديتي وأنا أصلي فيها بحمدالله فمرني بليلة أنزلها إلى هذا المسجد فقال(انزل ليلة ثلاث وعشرين)[ولعله علم أنها ليلة23 ذلك العام]فكان يدخل المسجد إذا صلى العصر فلايخرج منه لحاجة حتى يصلي الصبح[حديث حسن]
(25)
قال عطاء الخراسانى"مثل المعتكف كمثل عبد ألقى نفسه بين يدى ربه ثم قال: رب لا أبرح [لا أفارق مكاني]حتى تغفر لى، رب لا أبرح حتى ترحمنى.
يا رب عبدك قد أتا ك*و قد أساء و قد هفا
يكفيه منك حياؤه من*سوء ما قد أسلفا
حمل الذنوب على الذنو*ب الموبقات و أسرفا
و قد استجار بذيل عف*وك من عقابك ملحفا
يارب فاعف و عافه*فلأنت أولى من عفا
(26)
قال تعالى {وقوموا لله قانتين} أي: ذليلين مخلصين خاشعين بين يديه.
وكل حركة لا داعي لها في الصلاة فهي عبث، وبعض المأمومين يفتح المصحف فتفوته سنة النظر إلى موضع السجود، ووضع اليدين على الصدر، وينشغل بإخراجه وإدخاله ووضعه ورفعه وفتحه وإغلاقه.
وبعضهم يخرج الجوال لتسجيل دعاء القنوت، وكل ذلك حركات بلا حاجة، منافية للقنوت الذي أمرالله به
(27)
س:ترديد كلمات:"حقا" "نشهد" "يا الله" بعد ثناء الإمام على الله في القنوت هل هو جائز، وهل يجوز رفع اليدين في قنوت الوتر ؟
ج:يشرع التأمين على الدعاء في القنوت، ويكفيه السكوت عند الثناء على الله سبحانه وإن قال سبحانك أو سبحانه فلا بأس، ويرفع يديه في دعاء القنوت، لأنه ورد ما يدل على ذلك
[ينظر: فتاوى اللجنة الدائمة 7 /49]
(28)
رياح أسحار العشر تحمل أنين المذنبين وأنفاس المحبين وقصص التائبين، لو قام المذنبون في هذه الأسحار على أقدام الانكسار ورفعوا قصاصات اعتذار مضمونها{ياأيها العزيز مسنا وأهلنا الضر وجئنا ببضاعة مزجاة فأوف لنا الكيل وتصدق علينا}لبرز لهم التوقيع عليها{لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين}
[ينظر:لطائف المعارف]
(29)
أرجى الليالي لليلة القدر هي سبع وعشرين،وكان صلى الله عليه وسلم يجمع أهله ونساءه والناس فيها فيقوم بهم حتى السحر.صحيح أبي داود1375، وعن النعمان: قمنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في رمضان ليلة ثلاث وعشرين إلى ثلث الليل الأول،ثم قمنا معه ليلة خمس وعشرين إلى نصف الليل،ثم قمنا معه ليلة سبع وعشرين حتى ظننا أن لا ندرك السحور. صحيح النسائي1606
(30)
ليلة 27 من رمضان من الليالي التي ترجى فيها ليلة القدر ولكن لا دليل على تخصيصها بالعمرة، فليلة القدر وإن كان لها خاصية لكنها لا تطلب بأداء العمرة فيها بل بقيامها لحديث(من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه) ولم يقل:من اعتمر، ولحديث(عمرة في رمضان تعدل حجة) ولم يقل:عمرة في ليلة 27 تعدل حجة [ابن عثيمين]
(31)
ليلة القدر بلجة منيرة، طلقة لاحارة ولاباردة، لايرمى فيها بنجم ولاشهاب، تطلع الشمس في صبيحتها ضعيفة حمراء لا شعاع لها، أخفاها الله عنا لنجتهد في تحريها،ويبتعد المسلم عن المجازفات بإرسال تلك الرسائل التي تعينها بغير دليل، لما فيها من تثبيط عن الاجتهاد بقية الشهر، فلنواصل العبادة والدعاء؛ فإنها ليلة تقسم فيها الأرزاق والآجال
(32)
{إنا أنزلناه في ليلة مباركة}
من بركاتها:
العمل فيها أفضل من عمل ألف شهر [83 سنة و4 أشهر]
فيها نزل القرآن
كثرة نزول الملائكة بالخير والرحمة
من قامها"إيمانا"بالله وبما أعده من ثواب لأهلهاو"احتسابا" للأجر غفر له ما تقدم من ذنبه
يرجى فيها إجابة الدعاء ولهذا وصى صلى الله عليه وسلم عائشةأن تقول فيها"اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني"
(33)
تخصيص ليلة سبع وعشرين من رمضان بعمرة لا دليل عليه (ابن عثيمين)
(34)
قيل للحسن ما بال المتهجدين بالليل من أحسن الناس وجوها؟
قال:"لأنهم خلوا بالرحمن فألبسهم من نوره"
(35)
من مظاهر التقصير في العشر ما يفعله بعض الناس من الاجتهاد في الطاعة ليلا والكسل والفتور نهارا ومنهم من يتجاوز ذلك فينام عن صلاة الظهر والعصر
قال ابن رجب :قال الشعبي في ليلة القدر"ليلها كنهارها"وهذا يقتضي استحباب الاجتهاد في جميع زمان العشر الأواخر ليله و نهاره
(36)
قد يتساهل بعض الناس في القيام بعد ختم القرآن مع الإمام وحديث (من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه) يقتضي استيعاب ليالي الشهر بالقيام فيفوته الفضل الوارد أو ينقص منه، فليس المقصود من الصلاة هو ختم القرآن وإنما إحياء ليالي الشهر بالعبادة
وفي الحديث (التمسوا ليلة القدر آخر ليلة من رمضان).
أ.هـ
والله أسأل أن ينفع بها مؤلفها وجامعها وقارئها والساعي إلى نشرها
ابو شادن 18/9/ 1432هـ