قصة مؤثرة من ثمرات اللغة العربية الفصحى

العنوزز

عضو مبتديء

معلومات العضو

إنضم
13 ديسمبر 2011
النقاط
0
نشاط العنوزز:
7
0
0
  • قصة مؤثرة من ثمرات اللغة العربية الفصحى
يقول الأب: هاذا موقفٌ بديعٌ طريفٌ حدث مع طفلي الصغير (أحمد) حينما كان ابن سنتين من العمر ، فيه آيةٌ من آيات الله سبحانه السّاطعة ، الدّالة دلالةً جليّةً واضحة على إعجاز كتابه الكريم (القرآن).
فقد نشأ أحمد يكتسبُ اللغة العربية الفُصحى اكتساباً فطريّاً ؛ وذلك أنني كنتُ أخاطبه بها مُذ أقبل إلى الدنيا ، مطبقاً في ذلك نظرية أستاذنا الدكتور عبد الله الدنان حفظه الله ، ومتبعاً طريقته في تعليم الأطفال اللغة العربية الفصحى بالفطرة ، وقد نجحت الطريقةُ نجاحاً عظيماً باهراً ، وكان من أعظم ثمراتها تعلُّقُ أحمد الشديدُ بالقرآن العظيم كتاب الله المُعجز ؛ فكان كثير الأنس به ، تطمئنُّ نفسُه بالاستماع إليه والأصغاء لترتيله ، لا يفتأ يطلب إليّ وإلى أمه أن نقرأ له من آياته وأن نتلوه على مِسمَعَيه .
وكان أحمد بِلُغَته الطفولية يسمي القرآن (أُودِّه) ، فإذا سئم اللعب وملَّه قال لي : بابا أودِّه ، وإذا كان ضيِّقَ الصدر منزعجاً قال لأمه : ماما أُودِّه ، بل كان يذهبُ بمفرده إلى مكتبتي ويأتي بالمصحف ، تنوءُ بثقله يداهُ الغضَّتان ، ليقول لي أو لأمه ، بلهجة حانيةٍ فيها رجاءٌ وتضرُّع : (أُودِّه...أُودِّه) .
ذات ليلة رجعت إلى البيت متأخِّراً ، فألفيتُ أحمد في ضيق وبكاء ، يتقلب في سريره ، لايقرَّله قرار ، وأمه إلى جانبه تحاول أن تُهدِّئَ جَنانه لينام ، ولكن عبثاً تحاول ، وقد أعياها حالُه حتى مسَّها اللغوب ، فعرضتُ عليها أن ترتاحَ وتنام ، على أن أتولىَّ بنفسي تهدئته وتنويمه.
استلقيتُ على ظهري ، ووضعتُ صفحةَ خدَّ أحمد على صدري ، وشَرعتُ أُرَبِّتُ ظهره وعاتقه ، وهو ماضٍ في بكائه ،يبكي بكاءً مرّا غير عادي ، ثم رفع رأسه وقال لي بحزم : (بابا أودِّه ...بابا أودٍّه) ، فأخذتُ أقرأ له من آيات القرآن أطرافاً ، حتى هدأت نفسه ، واطمأنَّ جسده ، وظننته قد نام ، وما إن هممتُ بالقيام إلى سريري ـ وكنت كالاًّ تعباً ـ حتى عاد إلى البكاء والنَّحيب ، يرفعُ عقيرته ، ويصرخ بي بحدَّة : (بابا أودِّه...بابا أودِّه) ، فرجعت إلى حدائق القرآن أتخير له من أزاهيرها ، عساه يستنشي شذاها فينام قريرَ العين هانيها ، وحقّاً سكن ونام ، ولم أكن أشكُّ بتّةً في أنه استغرق في نوم عميق....
وحينما تهيَّأتُ للقيام فاجأني ببكاء شديد ، يكاد يبلغ عنان السماء ، فقلت في نفسي : لعلَّ عيناً أصابته بسوء وقد قال الصّادق المصدوق صلى الله عليه وسلم "العين حقٌّ" . فوضعتُ يدي أرقيه ، وأدعو له : أعيذك بكلمات الله التامَّة ،من كل شيطان وهامَّة ، ومن كل ... فرفع رأسه وصاح بغضب : (بابا أودِّه.. .بابا أودِّه) ، هو لا يريد عن القرآن بديلاً ، حتى الدعاء لم يرضَ به ، ولم يطِب له!
فعجبت لذلك أشدَّ العجب ، ووقع في روعي أمرٌ ، هو كيف تسنَّى له أن يميَّز الدعاء من القرآن؟! وهل هو بحق قادرٌ على ذلك ، فرأيتها فرصةً سانحةً لأجرب أمراً جديراً بالتجريب ؛ فرتَّلت له بعض السُّور الصغيرة ، مجوَّدة ً ، وملحَّنة بلحن ما ، وختمتها بسورة الناس ، موصولةً بالدعاء المأثور : اللهم ربَّ الناس ، أذهب البأس اشف أنت الشافي ....متبعاً الحنَ نفسه ، والأداء ذاته ، وهنا وقع ما لم يكن بالحسبان ، فو الله ما إن انتقلت من الآيات إلى الدعاء كالمرّات السابقة ليقول َلي بحَنق وغيظ : (بابا أودِّه...بابا أودِّه ) !
فتيقّنتُ يقيناً تامّاً قاطعاً ، لا ريب فيه ولا شكّ ، أن أحمد بفطرته السَّوية ، و بتلقِّيه الفطري السليم للعربية الفصحى ـ لغة القرآن ـ قادرٌعلى أن يميِّزَ كلام الله المُعجز من غيره من الكلام ... أيّاً كان ذلك الكلام ، ومهما علا في سماء الفصاحة والبيان ، ولو أدِّيَ الأداء ذاته ، ورُتِّلَ الترتيل عينه!
إنها لحقً المُعجزة الباقيةُ الخالدةُ لكتاب الله تعالى ، لا يُبليها تعاقبُ الليل والنهار ، حتى يرثَ الله الأرض ومن عليها ، ولكن هيهاتَ أن يدركها إلا من فُطِر على لغة القرآن ، تتشرّبها نفسه ، وتجري بها عروقَه .
فحقاً أخوتي الكرام هذه من أكبر النعم التي أنعم الله بها على الأمة العربية أن تكون لغتها هي اللغة التي أنزل فيها كتاب الله القرآن الكريم الذي تكفل الله بحفظه ولكن وللأسف هل نحن نقدر هذه النعمة ونشكر الله عليها هيهات هيهات فنحن الذين نسمي أنفسنا طلاب اللغة العربية نتحدث باللغة العامية إلا القليل و الحمد لله وأنا اسأل الله أن يعلي من شأن هذه الأمة و شأن لغتها . وأن نعود إلى التحدث بلغتنا الفصحى لغت أم الكتاب لأن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم وأنا أود أن تكونوا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه.
 

هديل الطير

مشرفة الأقسام العامة

معلومات العضو

إنضم
23 يونيو 2010
المشاركات
5,170
مستوى التفاعل
0
النقاط
36
الموقع الالكتروني
سبحان الله العظيم
قصة مؤثرة فعلا
فمن تشرب القران في نفسه
لن يرض عنه بالبديل
اللهم أرزقنا تلاوته أنا الليل واطراف النهار
واجعله ربيع قلوبنا
تلك حقا التربية الصحيحة
جزاك الله خيرا
وبارك فيك
 
استقدام خادمات | مكتب ترجمة معتمد | تصميم تطبيقات الجوال | ارشفة مواقع | شركة تسويق | سعد العتيبي , | ترجمة علامة تجارية
التعليقات المنشورة ﻻ تعبر عن رأي منتدي لغتي وﻻ تتحمل أي مسؤولية قانونية حيال ذلك ويتحمل كاتبها مسؤولية النشر
أعلى