نشاط بنت مثقفة:
-
163
-
0
-
0
- صبر الزوج على زوجته
صبر الزوج على زوجته
كان صلى الله عليه وسلم واسع الصدر، فاحتمل من زوجاته الكثير، وقد كانت الغيرة بينهن تشغل حياتهن، وقد مرت بنا بعض هذه الصور.
وهن بشر من البشر، وكنَّ يتعاملن معه زوجًا بشرًا، وربما وصلت مضايقتهن له بعض الأحيان يتجاوز الحدود، وهو ما حصل يوم آلى منهن[1].
ولا شك بأن صبره عليهن - إضافة إلى مسؤولياته التي لا حصر لها - يعد من عظمة سلوكه صلى الله عليه وسلم.
وكان صلى الله عليه وسلم يتحمل ذلك طالما هو في حدود التعامل مع ضمن الأسرة، فإذا خرج عن هذا الإطار، فإنه صلى الله عليه وسلم لا يسكت على باطل.
ولنقف أمام بعض الأمثلة على ذلك:
• قالت عائشة رضي الله عنها: كان النبي صلى الله عليه وسلم يعتكف في العشر الأواخر من رمضان، فكنت أضرب له خباء، فيصلي الصبح، ثم يدخله، فاستأذنت حفصة عائشة أن تضرب خباء فأذنت لها، فضربت خباء، فلما رأته زينب بنت جحش ضربت خباء آخر، فلما أصبح النبي صلى الله عليه وسلم رأى الأخبية، فقال "ما هذا"؟ فأخبر، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "آلبر تردن بهن"؟ فترك الاعتكاف ذلك الشهر. هذه رواية الشيخين[2].
وفي رواية أبي داود قالت: أراد النبي صلى الله عليه وسلم مرة أن يعتكف في العشر الأواخر من رمضان، قالت: فأمر ببنائه فضرب، فلما رأيت ذلك أمرت ببنائي فضرب، قالت: وأمر غيري من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ببنائه فضرب، فلما صلى الفجر نظر إلى الأبنية فقال: "ما هذه؟ آلبر تردن"؟ قالت: فأمر ببنائه فقوض، وأمر أزواجه بأبنيتهن فقوضت..[3].
إن العبادة ينبغي أن تكون خالصة لله تعالى، ولا يكون الباعث عليها الغيرة، ولذلك كان استفهامه صلى الله عليه وسلم استفهام إنكار "آلبر تردن"؟ إن هذا الميدان لا ينبغي أن تدخله اعتبارات أخرى تذهب به عن ميدان الإخلاص.
• عن عائشة رضي الله عنها قالت: قلت للنبي صلى الله عليه وسلم: حسبك من صفية كذا وكذا - تعني قصيرة - فقال: "لقد قلت كلمة لو مزجت بماء البحر لمزجته"[4].
وهذا ميدان آخر لا ينبغي أن يكون مسرحًا للغيرة، وذلك لما فيه من الاستهزاء والسخرية، في أمر لا كسب فيه للإنسان إذ هو من خلق الله عز وجل.
• وأخرج الإمام أحمد من حديث صفية: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حج بنسائه.. فلما كانوا في الطريق برك جمل صفية بنت حيي. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لزينب بنت جحش: "يا زينب، أفقري[5] أختك صفية جملًا" وكنت من أكثرهن ظهرًا، فقالت: أنا أفقر يهوديتك؟ فغضب النبي صلى الله عليه وسلم حين سمع ذلك منها، فهجرها فلم يكلمها حتى قدم مكة، وأيام منى في سفره، حتى رجع إلى المدينة، والمحرم وصفر، فلم يأتها، ولم يقسم لها، ويئست منه، فلما كان شهر ربيع الأول، دخل عليها[6]..
وهذا من الإثم العظيم، أن يوصف الإنسان بالكفر بعد إسلامه، ولذلك استحقت زينب عقوبة الهجر. فقد قال صلى الله عليه وسلم: "لا يرمي رجل رجلًا بالفسوق، ولا يرميه بالكفر، إلا ارتدت عليه، إن لم يكن صاحبه كذلك"[7].
تلك نماذج من السلوك الذي لم يسكت عليه صلى الله عليه وسلم ولم يسعه صبره، لأنه يخرج عن الإطار المسموح للغيرة أن تلجه، فكان من تصرفه ما رأينا، لكل موقف ما يتناسب معه من اللوم أو البيان، أو العقوبة.
هذه مشاهد من حياة الرسول صلى الله عليه وسلم في بيوته ومع زوجاته أمهات المؤمنين تبين لنا مسلكه إزاء كل موقف من المواقف. نلمح من خلالها كيف كان خير الناس لأهله كما قال صلى الله عليه وسلم.
ولكن.. ساعة وساعة:
هكذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لحنظلة، عندما شكى إليه ملاعبته للأزواج والأولاد وعدم مداومته على الذكر.. "ولكن يا حنظلة ساعة وساعة"[8].
واللهو والمرح والمزاح أم ضروري في الحياة، فهو كالملح للطعام، شيء ضروري، القليل منه يؤدي الغرض، فإذا كثر أفسد الطعام.
وهكذا لم تخل حياته صلى الله عليه وسلم من ذلك سواء أكان بين أهله أم بين أصحابه. ولنذكر بعض الأمثلة مما يخص أهله:
• فعن عائشة رضي الله عنها، أنها كانت مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر، قالت: فسابقته فسبقته على رجليَّ، فلما حملت اللحم سابقته فسبقني، فقال: "هذه بتلك السبقة"[9] وقوله صلى الله عليه وسلم: "هذه بتلك" إنما هو من باب تطييب خاطرها حين سبقها.
• وعن عائشة قالت: دخل عليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وعندي جاريتان تغنيان بغناء بعاث، فاضطجع على الفراش وحول وجهه، ودخل أبو بكر فانتهرني، وقال: مزمارة الشيطان عند النبي صلى الله عليه وسلم، فأقبل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "دعهما" فلما غفل غمزتهما فخرجتا.
وكان يوم عيد، يلعب السودان بالدرق والحراب، فإما سألت النبي صلى الله عليه وسلم، وإما قال: "تشتهين تنظرين"؟ فقلت: نعم، فأقامني وراءه، خدي على خده، وهو يقول "دونكم يا بني أرفده" حتى إذا مللت قال: "حسبك"؟ قلت: نعم. قال: "فاذهبي"[10].
-كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، وكان البراء بن مالك يحدو بالرجال، وكان أنجشة يحدو بالنساء - وأنجشة غلام للنبي صلى الله عليه وسلم حسن الصوت - وفي النساء بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وأم سليم، فاشتد بهن في السوق، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "ويحك يا أنجشة، رويدك سوقك بالقوارير"[11].
وهذه كلمة في غاية الدقة والحسن، حيث شبه النساء بالقوارير في الرقة واللطافة وضعف التحمل.
نكتفي بهذه النماذج التي تبين هذا الجانب مع حياته صلى الله عليه وسلم مع أمهات المؤمنين.
يؤسس البيت على الأرض، بل على المرأة".
ولذلك كانت مطالبةً بدورها بمجموعة من الحقوق تجاه زوجها، عليها إن كانت تريد الله والدار الآخرة أن تمتثلها، وتعتني بها، وتصبر لها، حفاظا على دينها، ونفسها، وزوجها، وأبنائها، لقوله تعالى: ? وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ ? [البقرة: 228]. قال ابن عباس رضي الله عنه: "لهن من حسن الصحبة والعشرة بالمعروف على أزواجهن مثل الذي عليهن من الطاعة فيما أوجبه عليهن لأزواجهن".
وقال ابن زيد: "تتقون الله فيهن كما عليهن أن يتقين الله عز وجل فيكم".
وقَال ابْنُ قُدَامَةَ: قَال بَعْضُ أَهْل العلم: "التَّمَاثُل هَاهُنَا (أي: في الآية) فِي تَأْدِيَةِ كُل وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا عَلَيْهِ مِنَ الْحَقِّ لِصَاحِبِهِ، وَلاَ يَمْطُلُهُ بِهِ، وَلاَ يُظْهِرُ الْكَرَاهَةَ، بَل بِبِشْرٍ وَطَلاَقَةٍ، وَلاَ يُتْبِعُهُ أَذًى وَلاَ مِنَّةً، لِقَوْل اللَّهِ تَعَالَى: ? وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ? وَهَذَا مِنَ الْمَعْرُوفِ، وَيُسْتَحَبُّ لِكُل وَاحِدٍ مِنْهُمَا تَحْسِينُ الْخُلُقِ مَعَ صَاحِبِهِ، وَالرِّفْقُ بِهِ، وَاحْتِمَال أَذَاهُ".
وسنقتصر اليوم إن شاء الله تعالى على الحق الأول من حقوق الزوج على زوجته، وهو حق طاعته في المعروف.
قال تعالى: ? الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ ? [النساء: 34]. نقل ابن كثير رحمه الله عن ابن عباس قال: ? الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ ?، يعني: أمراء عليهن، أي تطيعه فيما أمرها به من طاعته، وطاعتُه: أن تكون محسنة إلى أهله، حافظة لماله".
وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "خير النساء التي تسره إذا نظر، وتطيعه إذا أمر، ولا تخالفه في نفسها ولا مالها بما يكره" ثم تلا هذه الآية: "الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ"صحيح الجامع.
ولم يجعل الإسلام على المرأة حقا بعد حق الله تعالى أعظم من حق زوجها عليها. قال شيخ الإسلام رحمه الله: "وليس على المرأة بعد حق الله ورسوله أوجب من حق الزوج ". بل إن حق الله تعالى عليها متوقف على أدائها حقَّ زوجها. قال - صلى الله عليه وسلم -: "والذي نفس محمد بيده، لا تؤدي المرأة حق ربها حتى تؤدي حق زوجها" صحيح سنن ابن ماجة.
فالجنة موكولة إلى طاعة زوجها، متوقفة على القيام بخدمته، و حسن معاشرته، وجميل الصبر عليه، والعمل على إسعاده، وإشاعة السرور في بيته. موعد امتحانات الثانوية العامة 2017 موعد عيد الاضحى 2017 موعد شم النسيم 2017 موعد يوم الام 2017 موعد عيد الفطر 2017 موعد عيد الحب 2017 موعد شهر رمضان 2017 موعد الاجازات الرسمية في مصر لعام 2017 .
فعن الحصين بن محصن أن عمة له أَتَتِ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فِي حَاجَةٍ، فقضى حاجتها، فقال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أذات زوج أنت؟ قالت: نعم. قال: "كيف أنت له؟". قالت: ما آلوه إلا ما عجزت عنه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "فانظري أين أنت منه، فإنما هو جنتك ونارك" الصحيحة. أي: ارقبي تصرفاتك معه، واحفظي الود في علاقتك به، واجتهدي ما استطعت في تلبية أوامره، فإن ذلك جواز مرورك إلى الجنة. فقد قال - صلى الله عليه وسلم -: "لا ينظر الله تبارك وتعالى إلى امرأة لا تشكر لزوجها وهي لا تستغني عنه" صحيح الترغيب.
وجعل النبي - صلى الله عليه وسلم - طاعة الزوج من حلاوة الإيمان، التي لن تتذوقها إلا بأن تتعبد الله تعالى بهذه الطاعة. يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا تجد امرأة حلاوة الإيمان حتى تؤدي حق زوجها".
ولذلك جعل - صلى الله عليه وسلم - هذه الطاعة مكنوفة بعبادة الصيم والصلاة. يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إذا صلت المرأة خمسها، وصامت شهرها، وحصنت فرجها، وأطاعت زوجها، قيل لها: ادخلي الجنة من أي أبواب الجنة شئت" صحيح الجامع.
ويعظم الأمر، حتى تخصص المرأة بالسجود لزوجها لو كان السجود لغير الله مباحا. لما قدم معاذ من الشام، سجد للنبي - صلى الله عليه وسلم -. فقال له: "ما هذا يا معاذ؟". قال: أتيت الشام، فوافقتهم يسجدون لأساقفتهم وبطارقتهم، فوددت في نفسي أن نفعل ذلك بك. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "فلا تفعلوا، فإني لو كنت آمرا أحد أن يسجد لغير الله، لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها" صحيح سنن ابن ماجة.
وأثر عن عائشة رضي الله عنها وصيتها للنساء بقولها: "يا معشر النساء، لو تعلمن بحق أزواجكن عليكن، لجعلت المرأة منكن تمسح الغبار عن قدمي زوجها بخد وجهها".
وضرب النبي - صلى الله عليه وسلم - المثل الحسي لتقتنع المرأة بضرورة الاهتمام بهذا الخلق العظيم تجاه زوجها، فقال - صلى الله عليه وسلم -: "حق الزوج على زوجته، أن لو كانت به قرحة فلحستها ما أدت حقه" صحيح الجامع.
فكان عصيان الزوج معصية لله تعالى، حتى أغلظ السلف في بيان خطورته. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ثلاثة لا ترتفع صلاتهم فوق رؤوسهم شبراً: العبد الآبق حتى يرجع، وامرأة باتت وزوجها عليها ساخط، وإمام قوم وهم لكارهون" صحيح سنن الترمذي.
كان صلى الله عليه وسلم واسع الصدر، فاحتمل من زوجاته الكثير، وقد كانت الغيرة بينهن تشغل حياتهن، وقد مرت بنا بعض هذه الصور.
وهن بشر من البشر، وكنَّ يتعاملن معه زوجًا بشرًا، وربما وصلت مضايقتهن له بعض الأحيان يتجاوز الحدود، وهو ما حصل يوم آلى منهن[1].
ولا شك بأن صبره عليهن - إضافة إلى مسؤولياته التي لا حصر لها - يعد من عظمة سلوكه صلى الله عليه وسلم.
وكان صلى الله عليه وسلم يتحمل ذلك طالما هو في حدود التعامل مع ضمن الأسرة، فإذا خرج عن هذا الإطار، فإنه صلى الله عليه وسلم لا يسكت على باطل.
ولنقف أمام بعض الأمثلة على ذلك:
• قالت عائشة رضي الله عنها: كان النبي صلى الله عليه وسلم يعتكف في العشر الأواخر من رمضان، فكنت أضرب له خباء، فيصلي الصبح، ثم يدخله، فاستأذنت حفصة عائشة أن تضرب خباء فأذنت لها، فضربت خباء، فلما رأته زينب بنت جحش ضربت خباء آخر، فلما أصبح النبي صلى الله عليه وسلم رأى الأخبية، فقال "ما هذا"؟ فأخبر، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "آلبر تردن بهن"؟ فترك الاعتكاف ذلك الشهر. هذه رواية الشيخين[2].
وفي رواية أبي داود قالت: أراد النبي صلى الله عليه وسلم مرة أن يعتكف في العشر الأواخر من رمضان، قالت: فأمر ببنائه فضرب، فلما رأيت ذلك أمرت ببنائي فضرب، قالت: وأمر غيري من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ببنائه فضرب، فلما صلى الفجر نظر إلى الأبنية فقال: "ما هذه؟ آلبر تردن"؟ قالت: فأمر ببنائه فقوض، وأمر أزواجه بأبنيتهن فقوضت..[3].
إن العبادة ينبغي أن تكون خالصة لله تعالى، ولا يكون الباعث عليها الغيرة، ولذلك كان استفهامه صلى الله عليه وسلم استفهام إنكار "آلبر تردن"؟ إن هذا الميدان لا ينبغي أن تدخله اعتبارات أخرى تذهب به عن ميدان الإخلاص.
• عن عائشة رضي الله عنها قالت: قلت للنبي صلى الله عليه وسلم: حسبك من صفية كذا وكذا - تعني قصيرة - فقال: "لقد قلت كلمة لو مزجت بماء البحر لمزجته"[4].
وهذا ميدان آخر لا ينبغي أن يكون مسرحًا للغيرة، وذلك لما فيه من الاستهزاء والسخرية، في أمر لا كسب فيه للإنسان إذ هو من خلق الله عز وجل.
• وأخرج الإمام أحمد من حديث صفية: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حج بنسائه.. فلما كانوا في الطريق برك جمل صفية بنت حيي. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لزينب بنت جحش: "يا زينب، أفقري[5] أختك صفية جملًا" وكنت من أكثرهن ظهرًا، فقالت: أنا أفقر يهوديتك؟ فغضب النبي صلى الله عليه وسلم حين سمع ذلك منها، فهجرها فلم يكلمها حتى قدم مكة، وأيام منى في سفره، حتى رجع إلى المدينة، والمحرم وصفر، فلم يأتها، ولم يقسم لها، ويئست منه، فلما كان شهر ربيع الأول، دخل عليها[6]..
وهذا من الإثم العظيم، أن يوصف الإنسان بالكفر بعد إسلامه، ولذلك استحقت زينب عقوبة الهجر. فقد قال صلى الله عليه وسلم: "لا يرمي رجل رجلًا بالفسوق، ولا يرميه بالكفر، إلا ارتدت عليه، إن لم يكن صاحبه كذلك"[7].
تلك نماذج من السلوك الذي لم يسكت عليه صلى الله عليه وسلم ولم يسعه صبره، لأنه يخرج عن الإطار المسموح للغيرة أن تلجه، فكان من تصرفه ما رأينا، لكل موقف ما يتناسب معه من اللوم أو البيان، أو العقوبة.
هذه مشاهد من حياة الرسول صلى الله عليه وسلم في بيوته ومع زوجاته أمهات المؤمنين تبين لنا مسلكه إزاء كل موقف من المواقف. نلمح من خلالها كيف كان خير الناس لأهله كما قال صلى الله عليه وسلم.
ولكن.. ساعة وساعة:
هكذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لحنظلة، عندما شكى إليه ملاعبته للأزواج والأولاد وعدم مداومته على الذكر.. "ولكن يا حنظلة ساعة وساعة"[8].
واللهو والمرح والمزاح أم ضروري في الحياة، فهو كالملح للطعام، شيء ضروري، القليل منه يؤدي الغرض، فإذا كثر أفسد الطعام.
وهكذا لم تخل حياته صلى الله عليه وسلم من ذلك سواء أكان بين أهله أم بين أصحابه. ولنذكر بعض الأمثلة مما يخص أهله:
• فعن عائشة رضي الله عنها، أنها كانت مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر، قالت: فسابقته فسبقته على رجليَّ، فلما حملت اللحم سابقته فسبقني، فقال: "هذه بتلك السبقة"[9] وقوله صلى الله عليه وسلم: "هذه بتلك" إنما هو من باب تطييب خاطرها حين سبقها.
• وعن عائشة قالت: دخل عليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وعندي جاريتان تغنيان بغناء بعاث، فاضطجع على الفراش وحول وجهه، ودخل أبو بكر فانتهرني، وقال: مزمارة الشيطان عند النبي صلى الله عليه وسلم، فأقبل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "دعهما" فلما غفل غمزتهما فخرجتا.
وكان يوم عيد، يلعب السودان بالدرق والحراب، فإما سألت النبي صلى الله عليه وسلم، وإما قال: "تشتهين تنظرين"؟ فقلت: نعم، فأقامني وراءه، خدي على خده، وهو يقول "دونكم يا بني أرفده" حتى إذا مللت قال: "حسبك"؟ قلت: نعم. قال: "فاذهبي"[10].
-كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، وكان البراء بن مالك يحدو بالرجال، وكان أنجشة يحدو بالنساء - وأنجشة غلام للنبي صلى الله عليه وسلم حسن الصوت - وفي النساء بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وأم سليم، فاشتد بهن في السوق، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "ويحك يا أنجشة، رويدك سوقك بالقوارير"[11].
وهذه كلمة في غاية الدقة والحسن، حيث شبه النساء بالقوارير في الرقة واللطافة وضعف التحمل.
نكتفي بهذه النماذج التي تبين هذا الجانب مع حياته صلى الله عليه وسلم مع أمهات المؤمنين.
يؤسس البيت على الأرض، بل على المرأة".
ولذلك كانت مطالبةً بدورها بمجموعة من الحقوق تجاه زوجها، عليها إن كانت تريد الله والدار الآخرة أن تمتثلها، وتعتني بها، وتصبر لها، حفاظا على دينها، ونفسها، وزوجها، وأبنائها، لقوله تعالى: ? وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ ? [البقرة: 228]. قال ابن عباس رضي الله عنه: "لهن من حسن الصحبة والعشرة بالمعروف على أزواجهن مثل الذي عليهن من الطاعة فيما أوجبه عليهن لأزواجهن".
وقال ابن زيد: "تتقون الله فيهن كما عليهن أن يتقين الله عز وجل فيكم".
وقَال ابْنُ قُدَامَةَ: قَال بَعْضُ أَهْل العلم: "التَّمَاثُل هَاهُنَا (أي: في الآية) فِي تَأْدِيَةِ كُل وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا عَلَيْهِ مِنَ الْحَقِّ لِصَاحِبِهِ، وَلاَ يَمْطُلُهُ بِهِ، وَلاَ يُظْهِرُ الْكَرَاهَةَ، بَل بِبِشْرٍ وَطَلاَقَةٍ، وَلاَ يُتْبِعُهُ أَذًى وَلاَ مِنَّةً، لِقَوْل اللَّهِ تَعَالَى: ? وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ? وَهَذَا مِنَ الْمَعْرُوفِ، وَيُسْتَحَبُّ لِكُل وَاحِدٍ مِنْهُمَا تَحْسِينُ الْخُلُقِ مَعَ صَاحِبِهِ، وَالرِّفْقُ بِهِ، وَاحْتِمَال أَذَاهُ".
وسنقتصر اليوم إن شاء الله تعالى على الحق الأول من حقوق الزوج على زوجته، وهو حق طاعته في المعروف.
قال تعالى: ? الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ ? [النساء: 34]. نقل ابن كثير رحمه الله عن ابن عباس قال: ? الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ ?، يعني: أمراء عليهن، أي تطيعه فيما أمرها به من طاعته، وطاعتُه: أن تكون محسنة إلى أهله، حافظة لماله".
وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "خير النساء التي تسره إذا نظر، وتطيعه إذا أمر، ولا تخالفه في نفسها ولا مالها بما يكره" ثم تلا هذه الآية: "الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ"صحيح الجامع.
ولم يجعل الإسلام على المرأة حقا بعد حق الله تعالى أعظم من حق زوجها عليها. قال شيخ الإسلام رحمه الله: "وليس على المرأة بعد حق الله ورسوله أوجب من حق الزوج ". بل إن حق الله تعالى عليها متوقف على أدائها حقَّ زوجها. قال - صلى الله عليه وسلم -: "والذي نفس محمد بيده، لا تؤدي المرأة حق ربها حتى تؤدي حق زوجها" صحيح سنن ابن ماجة.
فالجنة موكولة إلى طاعة زوجها، متوقفة على القيام بخدمته، و حسن معاشرته، وجميل الصبر عليه، والعمل على إسعاده، وإشاعة السرور في بيته. موعد امتحانات الثانوية العامة 2017 موعد عيد الاضحى 2017 موعد شم النسيم 2017 موعد يوم الام 2017 موعد عيد الفطر 2017 موعد عيد الحب 2017 موعد شهر رمضان 2017 موعد الاجازات الرسمية في مصر لعام 2017 .
فعن الحصين بن محصن أن عمة له أَتَتِ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فِي حَاجَةٍ، فقضى حاجتها، فقال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أذات زوج أنت؟ قالت: نعم. قال: "كيف أنت له؟". قالت: ما آلوه إلا ما عجزت عنه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "فانظري أين أنت منه، فإنما هو جنتك ونارك" الصحيحة. أي: ارقبي تصرفاتك معه، واحفظي الود في علاقتك به، واجتهدي ما استطعت في تلبية أوامره، فإن ذلك جواز مرورك إلى الجنة. فقد قال - صلى الله عليه وسلم -: "لا ينظر الله تبارك وتعالى إلى امرأة لا تشكر لزوجها وهي لا تستغني عنه" صحيح الترغيب.
وجعل النبي - صلى الله عليه وسلم - طاعة الزوج من حلاوة الإيمان، التي لن تتذوقها إلا بأن تتعبد الله تعالى بهذه الطاعة. يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا تجد امرأة حلاوة الإيمان حتى تؤدي حق زوجها".
ولذلك جعل - صلى الله عليه وسلم - هذه الطاعة مكنوفة بعبادة الصيم والصلاة. يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إذا صلت المرأة خمسها، وصامت شهرها، وحصنت فرجها، وأطاعت زوجها، قيل لها: ادخلي الجنة من أي أبواب الجنة شئت" صحيح الجامع.
ويعظم الأمر، حتى تخصص المرأة بالسجود لزوجها لو كان السجود لغير الله مباحا. لما قدم معاذ من الشام، سجد للنبي - صلى الله عليه وسلم -. فقال له: "ما هذا يا معاذ؟". قال: أتيت الشام، فوافقتهم يسجدون لأساقفتهم وبطارقتهم، فوددت في نفسي أن نفعل ذلك بك. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "فلا تفعلوا، فإني لو كنت آمرا أحد أن يسجد لغير الله، لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها" صحيح سنن ابن ماجة.
وأثر عن عائشة رضي الله عنها وصيتها للنساء بقولها: "يا معشر النساء، لو تعلمن بحق أزواجكن عليكن، لجعلت المرأة منكن تمسح الغبار عن قدمي زوجها بخد وجهها".
وضرب النبي - صلى الله عليه وسلم - المثل الحسي لتقتنع المرأة بضرورة الاهتمام بهذا الخلق العظيم تجاه زوجها، فقال - صلى الله عليه وسلم -: "حق الزوج على زوجته، أن لو كانت به قرحة فلحستها ما أدت حقه" صحيح الجامع.
فكان عصيان الزوج معصية لله تعالى، حتى أغلظ السلف في بيان خطورته. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ثلاثة لا ترتفع صلاتهم فوق رؤوسهم شبراً: العبد الآبق حتى يرجع، وامرأة باتت وزوجها عليها ساخط، وإمام قوم وهم لكارهون" صحيح سنن الترمذي.