خطبة في الحوار ( الحوار أساس الوحدة ) أعجبتني فنقلتها لكم

ابن أبي

عضو نشط

معلومات العضو

إنضم
8 ديسمبر 2010
النقاط
0
نشاط ابن أبي:
34
0
0
  • خطبة في الحوار ( الحوار أساس الوحدة ) أعجبتني فنقلتها لكم
الحوار أساس الوحدة



الدكتور عصام بن هاشم الجفري


الحمد لله المحمود بكل لسان ، الذي لا معبود بحق سواه على مدى الدهور والأزمان أحمده سبحانه وأشكره حث المؤمنين على الوحدة والتآخي فقال : (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ)([1]). وبين لهم خطورة الفرقة والتنازع فقال : (وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ)(2). وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له المنزه عن الشركاء والأعوان وأشهد أن نبينا وحبيبنا وسيدنا محمداً عبد الله ورسوله المبعوث للثقلين الإنس والجان صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعد :فاتقوا الله عباد الله واعلموا رحمني الله وإياكم أن ربكم جل جلاله قد أرشدكم إلى وسيلة ناجعة لعلاج المشكلات على كافة المستويات هذه الوسيلة متى ما اتبعناها وأخذنا بها عم السلام وعمت السعادة المجتمع ،هذه الوسيلة هي الحوار البناء لعلاج المشكلات، فكم بيت هدم وتفرق أهله بسبب عدم الحوار فالزوج يغضب ويصر على رأيه ويرفض الحوار البناء أو تغضب الزوجة وتصر على رأيها وترفض الحوار البناء فما النتيجة لذلك ؟ تمزق الأسرة بالطلاق ، وكم من أب خسر ابنه لأنه رفض أن يسلك معه أسلوب الحوار البناء ، وكم من ابنة ظلت وانحرفت لأنها افتقدت الحوار البناء وكم.. وكم من ثمرات مرة عاشها أفراد أو مجتمعات رفضت أسلوب الحوار البناء ، الحوار أيها الأحبة في الله لا يعني بحال من الأحوال إسماع الطرف الآخر ما لدي فقط وأتوقع منه القبول والتسليم لا وإنما هو علاقة تفاعلية من الطرفين فكل طرف يفتح صدره وقلبه للسماع من الطرف الثاني فقد يكون معه الحق،وإن لم يكن على حق فهي فرصة لأن تتعرف على الشبهات التي بنا عليها موقفه فتبين له وجه الحق فيها أو تتعرف إلى مواطن الخلل في طريقة تفكيره فتصلحها، فمهما عظم الجرم ومهما كانت درجة الخلاف ففي الحوار علاج ؛ هل هناك أعظم جرماً من فرعون ؟ أجرم في حق ربه جرماً عظيماً يوم أن نازع العظيم إلهيته فقال بهتاناً وزوراً : أنا ربكم الأعلى ، وما علمت لكم من إله غيري ، وارتكب جرماً عظيماً في حق شعبه يوم أن اتخذ تلك السياسة الفرعونية الدموية بقوله : ﴿..سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءَهُمْ وَنَسْتَحْيِ نِسَاءَهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ﴾(3).وكان الله قادراً على أن يأخذه أخذ عزيز مقتدر لكنه جل جلاله مع قدرته عليه أرسل إليه موسى وهارون عليهما السلام لمحاورته وزودهما بأدب مهم من آداب الحوار فقال سبحانه :﴿ اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى()فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى﴾(4).ولذا يوم أن دخل واعظ على خليفة فقال له إن واعظك ومشدد عليك فرد عليه الخليفة لن أقبل منك فقد أرسل الله من هو خير منك إلى من هو شر مني فأوصاه بلين الكلام،وانظر إلى أثر الحوار فهذا فرعون مع أنه كان ظلوماً غشوماً معتداً برأيه حتى أنه سن المبدأ الفرعوني الذي قال فيه :﴿ ...مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ﴾(5).لم يملك أمام مبدأ الحوار إلا أن يقبل به ويذعن له فدخل في حوار مع موسى خلده الله لنا في عدة مواطن من كتابه وبصيغ مختلفة يضيق المجال عن عرضها وتحليلها ليتعلم الدعاة على مر الزمان أسلوب الحوار في الدعوة إلى الله ، وقد يقول قائل إن الحوار مع فرعون لم يأتِ بنتيجة ؟ فأقول له من قال لك ذلك فهذا رجل من آل فرعون ممن حضر تلك الحوارات والمناظرات آمن وكتم إيمانه خوفاً من بطش فرعون لكنه كان مدافعاً عن موسى عند فرعون بأسلوب الحوار المنطقي أيضاً خلد الله لنا حواره يوم أن قال : ﴿ وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّي اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ وَإِنْ يَكُ كَاذِبًا فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِنْ يَكُ صَادِقًا يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ()يَاقَوْمِ لَكُمْ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ظَاهِرِينَ فِي الْأَرْضِ فَمَنْ يَنصُرُنَا مِنْ بَأْسِ اللَّهِ إِنْ جَاءَنَا..﴾(6). آمن نتيجة الحوارات والمناظرات سحرة فرعون أمام الجماهير الغفيرة التي حشدها فرعون،أما فرعون فلم يستفد من ثمرة الحوار لأنه لم يتقيد بقواعد الحوار النزيه وإنما دخل بمبدئه الفرعوني السابق الذكر :﴿ ...مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ﴾(5).فصم أذنه عن سماع الحق وأغمض عينه عن رؤية الحق، ومنع نفسه عن قبول الحق؛ وفي قصة حوارات فرعون مثل واضح كيف يحرم ثمرة الحوار البناء من يدخل لحوار وهو قد اتخذ قراراً مسبقاً بعدم التسليم للطرف الآخر وإن كان الحق معه،وإليكم أيها الأحبة في الله نموذجاً أخر للدعوة من خلال الحوار وهو حوار إبراهيم عليه السلام مع ذلك المجرم النمرود الذي ادعى الألوهية حوار خلده الله لنا لنتخذه نموذجاً ومنهاجاً بقوله :﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّي الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنْ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنْ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾(7). وما من نبي بعثه الله إلا ودعا قومه عن طريق الحوار بعيداً عن الإكراه فكم عاش في دولة الإسلام بل وفي عهد الخلفاء الراشدين من يهود ونصارى وغيرهم بُيِّن لهم الحقُ ولم يُكرهوا على الدخول في الإسلام وقد بين الله سبحانه هذا المنهج بقوله :﴿وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ﴾(8). فلا إكراه في الدين وإنما هو حوار وإقناع ثم إيمان والتزام ، وقد يتساءل البعض ما فائدة الحوار مع من لم يؤمن فأقول له لإقامة الحجة عليه قبل إنزال العقوبة حتى إذا نزلت به العقوبة عرف أنها نتيجة الإعراض عن الحوار البناء كما بين ذلك الله بقوله:﴿ رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِأَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا﴾(9). يكون الحوار ليتبين لكل امرئ الطريق التي يسلكها هل هي طريق نجاة أم طريق مهلكة فيسير فيها باختياره ويتحمل النتيجة المترتبة عليها كما بين ذلك العليم الحكيم بقوله:﴿...لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَا مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللَّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾(10).

الخطبة الثانية
الحمد لله على إحسانه وعد المتقين بحبوحة جنانه وتوعد الكافرين بضنك نيرانه، وأشهد أن لا إله إلا الله تعظيماً لشأنه وأشهد أن نبينا وحبيبنا محمداً الداعي إلى رضوانه صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه . أما بعد : فاتقوا الله عباد الله واقبلوا على كتاب ربكم وسنة نبيكم فإنها مليئة بنماذج عجيبة من الحوارات المتعددة حوار الأب مع ابنه في قصة نوح مع ابنه وحوار الأبن مع أبيه في قصة إبراهيم وحوار الزوجة مع زوجها في قصة فرعون وزوجته ..وهكذا حوارات عديدة لو تأملناها وطبقناها لتحققت لنا والله السعادة ، وهناك مواقف وعبر من التاريخ الإسلامي تبين كيف كانت ثمرات الحوار البناء ، فهذا علي ابن أبي طالب رضي الله عنه يكف عن الأمة نصف شر الخوارج عن طريق الحوار يوم أن أرسل إليهم عبد الله بن العباس رضي الله عنهما يحاورهم فعاد بنصفهم ، وهذا عمر بن عبد العزيز أراح الدولة الإسلامية خلال فترة حكمه من صداع مزمن سببه الخوارج بثوراتهم المتعددة والمتعاقبة والعنيفة عن طريق الحوار معهم فكانت فترة حكمه من أهدء الفترات من حيث القلاقل والمشكلات الداخلية،فلننحي أحبتي مبدأ الحوار في بيوتنا ومع أولادنا وجيراننا وجميع المسلمين.
 
استقدام خادمات | مكتب ترجمة معتمد | تصميم تطبيقات الجوال | ارشفة مواقع | شركة تسويق | سعد العتيبي , | ترجمة علامة تجارية
التعليقات المنشورة ﻻ تعبر عن رأي منتدي لغتي وﻻ تتحمل أي مسؤولية قانونية حيال ذلك ويتحمل كاتبها مسؤولية النشر
أعلى