تأمل في رحلة ( سنغافوره )

معيض أحمد الغامدي

::: المشرف العام :::

معلومات العضو

إنضم
23 سبتمبر 2007
النقاط
36
الإقامة
جدة
الموقع الالكتروني
نشاط معيض أحمد الغامدي:
1,314
0
0
  • تأمل في رحلة ( سنغافوره )

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته​
أطلق مشروع الملك عبدالله بن عبدالعزيز لتطوير التعليم العام من خلال شركة تطوير للخدمات التعليمية بالتعاون مع المعهد السنغافوري التربوي (nie) المرحلة الثالثة من تأهيل القيادات المدرسية في سنغافورة ، وبفضل الله تعالى كنت أحد المحظوظين بالانضمام إلى هذا البرنامج المذهل حقا .
كثير هو ما يلفت النظر في سنغافورة ، غير أنني سأركز على بعض المواطن ذات العلاقة ؛ لعلي آتيكم منها -كما أفهم بما يتوافق مع التوجهات الرائعة في إحداث تغيرات وتحولات في نظامنا التعليمي ؛ لنتمكن من مزاحمة الأمم المتقدمة .

الكثير منها لا يحتاج إلى كد ذهن مرهق لفهمه ، أو الوقوف على أسبابه ، فتجد نفسك مباشرة أمام المحرك الأساس الذي يقف وراء هذا التقدم المذهل ، ووراء ثناءات العالم كله على هذا النموذج الفريد ، يعود ذلك إلى البُنى الذهنية العميقة في مكونات المجتمع السنغافوري ؛ لذلك نجد من يقول أن التطوير رحلة طويلة ، وهذا صحيح.
ساهمت هذه الأدوات ( المكونات ) كلها في النمو الملحوظ لرأس المال السنغافوري الوحيد ( الإنسان ) ، فالجميع هناك لا يدعو إلى نفسه ، بل يدعو إلى تحقيق رؤية مشتركة اتَّفق عليها الجميع ، فوجدنا أنفسنا نحن المتدربين أمام نظام متكامل يستدعي نمطا رائعا للتعامل مع الأشياء ، فتعرفنا إليه ، واستجبنا له بالفطرة ، وتكيفنا معه هذه المكونات تخرجت في نظام تعليمي رائع متماسك ومرن مع المتغيرات إن لم يكن ضابطا لها.

لن أطيل عليكم وإليكم اللافت الأول ومن مطار شانجي الأسطورة ، حيث بدأت رحلة التأملات ، فقد لاحظت وجود شاشات للتقييم تم وضعها بعد مناطق الخدمات مثل إجراءات السفر , ومكاتب المعلومات , والحدائق الطبيعية , والمرافق الصحية ، وسائل النقل الفريدة ، والتسوق ... إلخ

hs9yS.jpg
]
- هل تعرفون لماذا وضعوا شاشات التقييم ؟
يمكن ( للماذا ) السابقة أن يظهر بعض منها في الأسئلة التالية :
- كيف تمكن السنغافوريون من تغيير الأفكار الراسخة في أذهان الناس في أقل من ثلاثين ثانية وجعلوهم ينبهرون بما يرون؟
- كيف أصبح مطار شانجي معيارا يتم التحاكم إليه عندما يُراد تقديم خدمات ممتازة ؟
- كيف تمكنوا من السيطرة على عقول الناس والتأثير عليهم وجعلهم يتخلون عن أفكارهم السابقة أو ينتقدونها ؟
- لماذا الكثير من البشر يتبنون أفكارهم ويراهنون عليها؟
- كيف أقنعوا العالم بإمكانية تحقيق رؤيتهم مهما كانت عظيمة ؟

أظن حدوث ذلك كان من خلال وسائل الإقناع والتأثير ، وإليكم إحدى طرائق الإقناع والتأثير التي استخدمها السنغافوريون في مطارهم ، فرغم بساطتها إلا أنها جعلتنا ننظر إلى الموضوع الهدف نظرة مختلفة وموجهة وبذكاء ، هذه الوسيلة وغيرها مهمة للغاية ، خاصة إن كنت تحمل فكرا جديدا ، وتواجه فكرا عمره عشرات السنين .

فكما يعلم الجميع أن التغيير في الآخرين يبدأ بإيجاد نوع من الاتجاه نحو شيء ما ، ثم المرور بعدد من المحطات إلى أن نصل إلى مرحلة التمثل.
إن التغيير رحلة تكمن قوَّته في طريقة غرسه , فإن صح الغرس نما ، وإن لم يصح غرسه فلن تبقى الأفكار أكثر من بقاء صاحبها ، وسترحل معه ، وتنتهي صلاحيتها رغم جودتها.

يبدو أنني أكثرت من الأساليب الدعائية والترويجية لما أريد أن أقوله .
ولكن هل اتضحت الفكرة أم أنكم تريدون معرفة الوسيلة التي استخدمها السنغافوريون في المطار ؟

الكثير منا يعرفها وهي :
ما الشيء الذي تود منهم التفكير فيه أو القيام به ؟

( إذا كان لديك رأي تود أن تعرضه على شخص ما . فلتكن واضحا وحذرا في أثناء عرضه ، فإذا أردت الحديث عن أمر مهم ودقيق ، فالأرجح أنك لن تتمكن من هدم الآراء والمعتقدات التي ترسَّخت بداخلهم لمدة ثلاثين عاما خلال نصف ساعة فقط .
حتى إذا كنت تتحدث مع أناس تَعلَمَهم وتثق بهم جيدا ، فالطبيعي أنك ستحاول أن تذهب بهم إلى مكان ليس من الطبيعي أن يذهبوا إليه .
عذرا ، لكنني مضطر هنا إلى استخدام تعبيرات متخصصة ، عندما يقدم مؤلفو الإعلانات التجارية أفكارا أو قصصا مبتكرة ( في الإذاعة أو التلفاز أو الصحافة ) ، فإنهم يحاولون حث المشاهد على إعادة التقييم ، فإعادة التقييم هذه تجعلك تفكر في الموضوع ، وتنظر إليه من زاوية أخرى ، وتتلمس مافيه .

إنهم يعلمون جيدا أنه لن يمكنهم تغيير عقول الناس خلال ثلاثين ثانية ( على الرغم من نظرتي الكريهة لصناعة الإعلانات ) كل ما يحاولون القيام به يتمثل في إغرائك أو حثك أو دفعك للنظر إلى الموضوع من ناحية مختلفة ، مما يحثك على إعادة تقييم المنتج ) . (اهـ)

ما سبق لا يمكن له أبدا أن يقلل من روعة وجمال هذا المطار الأسطورة ، وأجزم أنهم وبأدواتهم السابقة يسعون جاهدين إلى تجويد الخدمة ؛ لأنها قيمة بالنسبة لهم ، وتقديمها في أفضل صورة ممكنة ، كما أظنهم أيضا يقولون ( انظر ماذا فعلنا من أجلك ) من خلال أسلوب من أساليب التأثير والإقناع يمكن لنا نحن المهتمين أن نوظفه لإحداث تغيير مرغوب .

على الهامش :
لم أكن أفهم أن زوجتي عندما قالت لي ( ما رأيك في فستاني ) ! تريدني أن أنظر إلى فستانها من ناحية مختلفة .
إنها الفطرة ياسادة .


الخبر :

"تطوير" يطلق المرحلة الثالثة من تأهيل القيادات المدرسية في سنغافورة


أخي القارئ الكريم :
بعد قراءتك لهذا الموضوع لابد أن هنالك مجموعة من التساؤلات أو الأفكار أو الرؤى أثارتها السطور السابقة ، فنتمنى عليك أيها الفاضل مشاركتنا وإثراء الموضوع وردم ما فيه من هفوات أو فجوات ؛ فبكم نحن نكون ، وإلى قراءة قادمة إن شاء الله تعالى دمتم في حفظ الكريم .
معيض أحمد الغامدي
مشرف المواد النظرية
وحدة تطوير المدارس بجد​
 
استقدام خادمات | مكتب ترجمة معتمد | تصميم تطبيقات الجوال | ارشفة مواقع | شركة تسويق | سعد العتيبي , | ترجمة علامة تجارية
التعليقات المنشورة ﻻ تعبر عن رأي منتدي لغتي وﻻ تتحمل أي مسؤولية قانونية حيال ذلك ويتحمل كاتبها مسؤولية النشر
أعلى