معيض أحمد الغامدي
::: المشرف العام :::
معلومات العضو
نشاط معيض أحمد الغامدي:
-
1,314
-
0
-
0
- أمريكا تشكو.. ونحن نشكو! في انتظار السوبرمان
أخي القارئ الكريم إليك هذا المقال الرائع الذي يلامس جرحا أظنه حديث المسألة أرجو لك قراءة متبصرة
_______
رؤى
أمريكا تشكو.. ونحن نشكو! في انتظار السوبرمان بقلم : منى محمد الشدي 2011-10-30 3 /12 /1432
فيانتظار السوبرمان WaitingforSuperman هو فيلم وثائقي للأمريكي ديفيد جينجهام. يحكي فيه عن رداءة التعليم الأمريكي وتقهقره, وحتى تخلفه!! هو فيلم يقول ما يريد كل أمريكي سماعه ومعرفته حتى لو كان مقلقا وصادما! فالقلق والصدمة تخلقان الوعي والتحفيز هناك، لا الاعتذرات والتبريرات هنا!!
الفيلم يحكي عن سوء التعليم وتدني مستوى الطلاب الذي يقف خلفه معلمون سيئون منتشرون عبر مختلف الولايات بما فيها مقاطعة واشنطن الذي أطلق الفيلم على مدارسها (مصانع الفشل)!! إذ ترافق كاميرا المخرج تلاميذ من أحياء شعبية في كل من لوس أنجلوس ونيويورك والعاصمة واشنطن. وأيضًا يعرج على تجربة رائعة لإحدى المدارس الناجحة والتي تمول من قبل الدولة، ولكن المشكلة أن حصول الوالدين على مقعد لطفلهما يقتضي دخوله في عملية (سحب بالقرعة)!! يروي (ديفيد جينجهام) أنه عندما كان طفلاً عانى مع والديه في إيصاله صباحًا لمدرسته والتي تبعد كثيرًا عن منزلهم، وذلك سعيًا من والديه للبحث عن الأفضل له، ومرت السنوات وإذا بالتاريخ يكرر نفسه مع (جينجهام) وهذه المرة مع أطفاله! ويتكرر ذات السيناريو في كيلومترات طويلة يقطعها كل صباح مع أطفاله بحثًا عن الأفضل، تلك العملية التي ربما ستسمر حتى مع الأجيال القادمة من أحفاده!!
لأمريكا مشاكلها وهمومها مثلها مثل أي دولة في العالم. وهذا الفيلم يستعرض هموم شخص يشاطره فيها الملايين من المهمومين بانخفاض مستوى التعليم في أمريكا، الخائفين على مستقبل الأجيال القادمة، فالشعب الأمريكي بدأ يقلق إزاء تعليمه ومخرجاته، خصوصًا أنه أطل في الساحة منافسون جدد كسنغافورة وماليزيا وغيرها من الدول.
من الجلي أن أمريكا تعاني هي الأخرى، إذ يدرك المهمومون بالتعليم وشجونه أن هناك نوعًا من (الداروينية الجديدة) إن صح التعبير، والانتقائية فيها والاصطفاء للأقوى معرفيًا. والمجتمع الذي لا يملك التميز المعرفي والقوة التنافسية لن يجد له مكانًا سوى في الهامش. وقدره سيكون التبعية والصفوف الخلفية أو حتى خارج السياق الحضاري تمامًا!!
التحديات كثيرة، ولعل على رأسها تحدي التعليم، وهو تحدٍ كبير ومهم وخطير! لنتذكر رأي المؤرخ (توينبي) إذ يرى أن المجتمع يتحدد مصيره بناء على تعامله مع التحدي، فإما أن يكون مجتمعًا متطورًا فيكتب التاريخ، أو حضارة معاقة محنطة، أو حضارة مندثرة!!
ولعل من هذا المنطلق أمريكا تخاف وتشكو من تعليمها، ونحن نشكو، ولكننا لسنا في الشكوى سيان!! أمريكا تطمح للأفضل دائمًا ولمستويات عليا، تقلقها فكرة الكمال ويلازمها دومًا الإحساس بالنقص. أما نحن وبالعودة إلى التعليم في السعودية، فنكرر التعليم بحاجة إلى إصلاح، بحاجة إلى تطوير وتغيير، ولك أن تكرر ما شئت من هذه المفردات!! لكن ليس لك أن تصل فيما يبدو إلى يقين واضح فيما يتعلق بأساس التعليم أو فلسفته لدينا!! تخيل!!
فلسفة التعليم غائبة وغير واضحة تمامًا، سواء في أذهان المعلمين أو الطلبة!! ربما هي لا زالت تعكس هوية المجتمع والتأزم الفكري الذي نعيشه! ما بين تشدد ديني يكافح ويرتاب في أي تغيير!! إلى تيارات أخرى تطالب بحداثة متعجلة إن صح التعبير، وتحييد المناهج الدينية جانبًا!! هناك صراع وخلاف كبير يبدو أنه لم يحل إلى الآن!! يدور هذا الخلاف حول ماهية الفكر التعليمي، ومن أين ينطلق وأين يقف! ما أريده هنا أنني أتمنى أن نتجاوز صراعاتنا الفكرية، وأن نخوض معاناة إصلاح التعليم بنزاهة وحيادية قدر الإمكان!! لندع التهم جانبًا والتشكيك في النوايا، لا نريد أن يتحول التعليم إلى ساحة لزرع أو تصفية أجندة أو نيل مكاسب إلخ. أحزن عندما أسمع عبارات من قبيل أن فلانًا غرضه من مقاله أن يبسط نفوذ التيار الفلاني على التعليم، وهذا ما لا بد من أن نمنعه!! مثل هذه العبارات وغيرها تجهض أي محاولة جادة للنهوض بالتعليم! فكيف لكيان أن ينهض ومنظروه منقسمون على أنفسهم!!
نعم هناك إنفاق كبير على المناهج، لكن ما جدوى هذا الإنفاق وهي لا تعلم الطالب روح الاسلام وانفتاحه على الدنيا والمشاركة في صناعتها!! هي لا زالت مكانها تراوح، وقد غاب عنها تبني التفكير العلمي وأساليبه. لا بد أن نعي أنه لم يعد توفير المعلومة بمشكلة، بقدر أهمية تزويد الطالب والطالبة بطرق البحث عنها وتوظيفها ونقدها والإيمان بنسبيتها، وأركز على هذه النقطة كثيرًا. فلا نريد للطالب أو الأستاذ أن يتحول إلى مدافع عن أي فكرة أو مفهوم كما هو حاصل الآن، وينغلق داخل أسوارها، بينما وفي المقابل هناك حراك وطوفان معرفي لا يرحم، ولا يقف عند من استكان وأرضته معرفة ما أيا كانت المعرفة!! لا بد من الإيمان بأن آليات تلقي المعرفة والبحث عنها وتوظيفها تكاد تكون هي الثابت الوحيد في عالمنا المليء بالتحولات والاحتمالات! ولنأخذ مثالاً آخر أساليب التفكير الناقد، والتي تركز فيها الدول الحديثة على تعليم طلابها النقد والتمحيص فيما حولهم من مفاهيم!! حسنًا نحن هنا ننادي به مع المنادين! ولكني أفكر مليًا! كيف يمكن للتفكير الناقد والمعرفة الحرة التي نرجوها أن تنمو وإزاءها تتكاثر لوائح الممنوعات محذرة من المساس أو الحديث عن موضوعات فكر وممارسات سلوكية أوثقافية!!
هذا ما يجعلني أتساءل هنا من يشكل الآخر؟ التعليم يشكل الثقافة؟ أم الثقافة تشكل التعليم!! لعل العلاقة بينهما تبادلية، ولعل التعليم يؤثر في الثقافة، إلا أني من قراءتي لواقع التعليم الآن أعتقد للأسف أن الثقافة قد تجهض التعليم!!
لنتخيل التالي: أستاذ المرحلة المتوسطة يتذمر من طلاب الابتدائية، وأساتذة الثانوية يتذمرون من مخرجات المرحلة المتوسطة، ونحن في الجامعة نتذمر من مخرجات الثانوية، وأخيرا أرباب العمل يحيلون التهمة كرة أخرى إلى الجامعات. كلها دوائر تنضح باللوم المتبادل. ممن الخلل إذن؟!
ما أكتبه الآن هو أفكار وهموم أثارها لدي هذا الفيلم. ولو قدر لي أن أعمل فيلمًا عن التعليم في السعودية ماذا سيكون عنوانه؟ وهل ستكون لدي الحرية لكي أقول كل ما أعرف؟! وكل ما يقلقني؟!! لن أشغلكم بالتفاصيل، لعلي أقفز بكم فورًا لرسالتي التي أريد إيصالها من خلال الفيلم، أريد أن يوجد مجتمع مهموم فعلاً!! سواء بمؤسساته أو حتى أفراده، مهموم بالتعليم ويريد بكل إخلاص ونزاهة أن يتقدم وأن يكتشف الخلل في التعليم ويدفع فاتورة إصلاح نظام التعليم حتى وإن كانت باهظة الثمن ومكلفة! أؤمن أن الأمر يستحق!
أريد أن يتحول التعليم لدينا إلى عملية اكتشاف مستمرة ومطردة لمدى جهلنا! أن تتحول الجدران التي صنعناها واختبأنا خلفها إلى نوافذ وجسور نطل منها على العالم بكل ثقة وحرية!! لعلنا في النهاية نصل إلى إيجاد صيغة مرنة ومتوازنة بين روح إيمانية وعقل نشط، بين إيمان بثوابت الإسلام وعقل متعطش ونهم للمعرفة ومستعد ومهيأ لكافة التحولات، بعيدًا عن ثقافة الشك والريبة التي تنهك العقل والروح معًا!!
المصدر مجلة المعرفة
http://www.almarefh.net/show_content_sub.php?CUV=388&Model=M&SubModel=137&ID=1224&ShowAll=On