معيض أحمد الغامدي
::: المشرف العام :::
معلومات العضو
نشاط معيض أحمد الغامدي:
-
1,314
-
0
-
0
- آخر سكران!
مع الداعية الشيخ نعمة الله (4) آخر سكران!
د . صالح مهدي السامرائي
زار الشيخ نعمة الله أوروبا أربع مرات، ومن البلدان التي زارها ألمانيا، وكان يعظ في مساجدها، ولا يكتفي بذلك بل يزور الخمارات حيث يؤمها الكثير من الأتراك والعرب والناطقين باللغة الأوردية من شبه القارة الهندية الباكستانية.. والشيخ يجيد اللغات الثلاث التركية والعربية والأوردية، ومفاتيح لغات العالم.. وقصتنا اليوم تدور في مدينة برلين، ومع الأتراك في عام 1979م تقريباً. وقف الشيخ نعمة الله يتحدث مع الأتراك في أحد مساجدهم لمدة ساعتين أو ثلاث، ووقف بعدها متسائلاً: أين غيركم؟ أجابوه: لماذا تسأل؟ تكلم، ونحن نستمع لك لساعات. قال الشيخ: أين غيركم؛ لأذهب إليهم؟ أجابوه: في الخمارات.. قال الشيخ: أذهب إليهم أرسلوا معي دليلاً. الذهاب للخمارة وفعلاً ذهب الشيخ نعمة الله مع الدليل إلى خمارة روادها أربعون تركياً، وقف الشيخ وسطهم وحياهم قائلاً: السلام عليكم أيها المجاهدون، فبدأ الواحد ينظر إلى الآخر متعجبين أين المجاهدون؟! قال الشيخ: أنتم مجاهدون لثلاثة اعتبارات: الاعتبار الأول: تحرككم ومشيكم ورواحكم ومجيئكم في ألمانيا بأسمائكم الإسلامية: أحمد، خليل، إبراهيم... إلخ، كل هذا يذكر الناس بالإسلام. الاعتبار الثاني: جئتم لألمانيا لكسب الرزق الحلال لآبائكم وأبنائكم هذا أيضاً جهاد. الاعتبار الثالث: لو نظرنا إلى أسلافكم من العثمانيين؛ فإنهم كانوا مجاهدين فأنتم أحفاد المجاهدين. بشرى سارة ثم أردف الشيخ قائلاً: إني قادم من المدينة المنورة، وقد أتيت لكم ببشارة من هناك، وهي قول رسول الله [: إنه من «يقول لا إله إلا الله محمد رسول الله دخل الجنة»، وإن الله سبحانه وتعالى يؤجرني بسببكم.. وهنا ردد الجميع: «لا إله إلا الله محمد رسول الله». وإني أعظ الناس منذ سنين طويلة في المساجد، وكان المفروض أن نزوركم ونبلغكم دعوة الأنبياء الذين كانوا يأتون الناس في نواديهم ويدعونهم لدين الحق. بكاء ونحيب: بدأ الجميع بالبكاء والنحيب وهم يرددون، تكلم تكلم يا شيخ، اجلس، اللبن ليس حرام - يقول الشيخ نعمة الله: الجلوس معناه مشاركتهم في الحرام - ثم قال لهم الشيخ نعمة الله: على أية حال أنتم الآن من أهل الجنة، وسأذهب لآخرين أتحدث إليهم. - قالوا له: تكلم، تكلم يا شيخ. - قال: إلى متى أتكلم؟ أنتم الآن من أهل جنة الآخرة، وإني أدعوكم الآن إلى جنة الدنيا (المسجد)، ثم تساءل: ألم تشاركوا أنتم في التبرع لبناء المسجد المجاور لكم؟ - يقول الشيخ: إن لدي تجربة أن الذين يشربون الخمر هم أكثر سخاءً في التبرع للمساجد لأنهم يرجون المغفرة من الله - فقالوا بصوت واحد: يا شيخ نحن تبرعنا، نحن تبرعنا، ولكن يا شيخ كيف نذهب إلى المسجد ومنا من هو جنب؟ أجاب الشيخ: الجنب يغتسل في مكان الاغتسال بالمسجد، نعم الماء بارد ولكن كما قلت: إنكم مجاهدون والاغتسال بالماء البارد في الشتاء جهاد. - قالوا: والسكران؟ - قال: الثقيل في السكر يحمله اثنان خفيفان. وبدأ كل منهم يشجع الآخر للذهاب إلى المسجد، وهم يرددون: يا إخوان لنذهب إلى المسجد ألسنا مسلمين؟ 40 رجلاً ذهبوا للمسجد وبدأ الشيخ يقود الأربعين رجلاً إلى المسجد منهم من دخل المسجد، ومنهم جلس خارجه ينتظر، والشيخ يقرأ ويترجم: {قٍلً يّا عٌبّادٌيّ پاللَّذين أّسًرّفٍوا عّلّى أّنفٍسٌهٌمً لا تّقًنّطٍوا مٌن رَّحًمّةٌ الّله إنَّ الله يّغًفٌرٍ الذَنٍوبّ جّمٌيعْا إنَّهٍ هٍوّ الغّفٍورٍرَّ الرحٌيمٍ >53<}(الزمر). وقال رسول الله [: «خياركم في الجاهلية خياركم في الإسلام إذا فقهوا». ثم قال بعضهم: يا شيخ أقرباؤنا في خمارات أخرى، تعال يا شيخ نذهب إليهم. ولقد حكى الشيخ هذه القصة لأحد العلماء الأتراك المجاورين في مسجد رسول الله [، فقال: إن لنا أبناء عمومة سمعنا أنهم يرتادون الخمارات، فذهبنا إليهم ووبخناهم إلا أنهم غضبوا وتشاجرنا وكادوا يضربوننا وانهزمنا!! بعد 3 أعوام ومرت الأعوام وتقادمت الأيام، وبعد ثلاث سنوات، كان الشيخ نعمة الله جالساً في مسجد رسول الله [، فإذا برجل تركي بعمامة وجبة ولحية يسلم عليه قائلاً: هل تعرفني يا شيخ نعمة الله؟ أجاب الشيخ: كيف لا أعرفك؟! أنا زرت أكثر مدن تركيا وقراها، وربما أنت أحد الأئمة أو المفتين في إحدى تلك المدن التي زرتها. قال الرجل: أنا أعرفك جيداً، وأنت لو تبقى ألف سنة لا تعرفني، أنا آخر سكران في برلين، خرجت من الخمارة يحملني اثنان، وتوجهنا صوب المسجد، وكنت أنت تشفق علي، فمسحت رأسي وقلت: «أنت غال عند الله يقبلك في بيته»، كنت ثملاً ولكني عقلت كلامك، انتظرت خارج المسجد إلى أن صحوت، اغتسلت وصليت وتبت إلى الله، ومنذ ذلك الحين وأنا أداوم على الصلاة والعبادات وزوجتي تحجبت وجئنا إلى العمرة ووفقنا للقائك والحمد لله. مرات عديدة إن هذه ليست هي المرة الأولى والأخيرة التي يرتاد فيها الشيخ نعمة الله الخمارات، ويخرج منها الناس إلى المساجد، ويتوبون توبة نصوحاً، منهم الترك والعرب والناطقون بالأوردية، ولقد صار التائبون دعاة ورؤساء جمعيات لبناء المساجد، وإني - صالح السامرائي - رأيت في إسطنبول وأنقرة أحد التائبين في خمارة برلين آنفة الذكر. كما كان الشيخ نعمة الله يرتاد موائد الميسر، فأخرج روادها إلى المساجد. يقول الشيخ نعمة الله: كنت دائماً أردد قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ۚ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا >43<}(الأحزاب)، لكي لا يمتد بي الشعور بأني أنا المنقذ، إنما هو الله سبحانه وتعالى الهادي. موائد القمار ومن الطرائف، أنه حينما كان يخاطب رواد موائد الميسر كان يقول لهم: فيكم صفة الأنبياء والصحابة والأولياء؛ لأنكم مستيقظون حتى ساعة متأخرة من الليل، وهنا يترك الجميع أوراق الميسر ويصاحب الكثير منهم الشيخ إلى المسجد باكين نادمين، ويردد بعضهم: إن أبي علمني قراءة جزء «عم» جميعه.
المصدر / مجلة المجتمع
http://magmj.com/index.jsp?inc=5&id=7895&pid=1915