معيض أحمد الغامدي
::: المشرف العام :::
معلومات العضو
نشاط معيض أحمد الغامدي:
-
1,314
-
0
-
0
- «يا رب تحترق مدرستنا»
عبدالله المغلوث
يواجه أحد أصدقائي العائد للتو إلى الوطن مشكلة تتجسد في رفض ابنته (ثماني سنوات) الذهاب إلى مدرستها، كلما حاولت أمها إيقاظها صباحا هزتها الابنة الصغيرة بيديها متوسلة: ''ماما.. لا أحب هذه المدرسة، أريد أن أعود إلى مدرستي السابقة في بريطانيا''.
هناك شبه إجماع على عدم حب أطفالنا مدارسهم في أوطاننا العربية. القضية ليست في مبانيها، بعض مدارسنا الأهلية، التي يدفع لها أولياء الأمور دماء قلوبهم رسوما دراسية، أقرب إلى القصور من المدراس إثر فخامتها. الموضوع أكبر من ذلك بكثير. الموضوع يتعلق بالطريقة التعليمية والأسلوب التربوي.
دعيتُ يوما لقضاء حصة مع ابنتي (6 سنوات) في المدرسة الابتدائية الحكومية، التي تدرس فيها في مانشستر في بريطانيا. كان في الفصل معلمتان، واحدة رئيسة والأخرى مساعدة لها، عدد الطلاب فيه لا يتجاوز ثمانية، الفصل ليس تقليديا كالذي اعتدنا عليه، فلا توجد كراس وطاولات تتراص خلف بعضها البعض، هناك كراسي متناثرة حول المعلمة، مرسوم عليها صور فراشات وسحاب وقطط. شرعت المعلمة في بداية الحصة بقراءة قصة تم انتخابها بالأمس، لقد فازت بأكبر عدد من الأصوات من الطلبة، كلما فرغت المعلمة من جملة ردد الطلاب الجملة خلفها، عندما تلاحظ صعوبة في نطق جملة معينة تعيدها غير مرة حتى يتقنها طلبتها، حينما انتهت من القصة وزعت عليهم أسئلة قصيرة حولها، انبرى الطلاب لحلها، من يواجه صعوبة يطلب مساعدة المعلمة أو زميلتها. لاحظت اثناء انهماك بعض التلاميذ في واجبهم كان بعضهم الآخر يذهب ليأكل بعض الفاكهة المتوافرة في زاوية قصية في الفصل، أو يشرب العصير أو الماء الموجود في زاوية أخرى، وشاهدت آخرين يذهبون إلى دورة المياه ويعودون بسلاسة وهدوء دون تشتيت انتباه الفصل أو مقاطعة المعلمة أو مساعدتها أثناء عملهما.
يودع الطلبة الحصة ولاحقا المدرسة، بعد أن قاموا بحل جميع واجباتهم الدراسية على مرأى من معلماتهم، يذهب الطلبة إلى منازلهم دون أن يعتريهم شعور بالوجل أو الخوف من الغد، إذا لم يستطيعوا تأدية فروضهم الدراسية، لأنهم قاموا بها فعلا، يعودون إلى المدرسة وهم في حماسة شديدة لمصافحة يوم جديد، متحررين من أغلال الأمس.
راق لي جدا أسلوب انتخاب القصة، يُصوت الطفل الصغير للقصة، التي يفضلها، إذا لم تفز يقبل بخيار الأغلبية، يتعلم هذه الثقافة مبكرا، فيصبح أكثر وعيا ومرونة وتصالحا في المستقبل مع العالم المتنوع الذي يموج حوله، والأهم من ذلك يشعر بكيانه وقيمته منذ يفاعته.
أعجبتني الثقة، التي تمنح للطالب الصغير، يأكل متى ما شاء، لا ينتظر حتى تأتي الفسحة أو يغمى عليه ليتناول ما يسد جوعه ويقيم أوده، يذهب إلى دورة المياه متى ما اضطر، لا يقاوم حاجة إنسانية ملحة كما كنا نفعل عندما كنا صغارا، نرفع أيدينا طويلا، ننتظر شفقة المعلم حتى يأذن لنا أو لا يأذن.
ليس صديقي فحسب، الذي يواجه احتجاج ابنته على مدرستها، أغلب صغارنا يساورهم ذات الشعور السلبي تجاه المدرسة، قرأتُ في موقع التدوين المصغر، ''تويتر''، تغريدة، لطفل، ابن أحد الأصدقاء، يقول فيها: ''يا رب تحترق مدرستنا''.
إذا استمرت هذه العلاقة السلبية بين أطفالنا ومدارسهم بهذه الطريقة فلن تحترق مدارسهم، وإنما سيحترق مستقبل أوطاننا وأجيالنا.
انتهى.
أعتبر هذا المقال صادقا لأنه من القلب فكلام القلب يصل - كما يقولون - إلى القلب دون عناء ، صحيح هنالك بعض الأفكار لا يمكن تحققها الآن ولكن هنالك أفكاركثيرة رائعة يمكن تبنيها وتمثلها داخل حجر الدراسة .