تمهيد
لا شك أن الطائرات من عوامل التقدم والحضارة، إذ هي تقرب المسافات، وتربط أجزاء العالم، وتيسر التنقل، فبعد أن كان السفر قديماً نوعاً من العذاب يحجم عنه كثير من الناس، أصبح الآن بفضل اختراع الطائرات سبيلاً إلى الراحة وانتقال المعرفة والترويح عن النفس، وقضاء المصالح، و إسعاف أصحاب الحاجات.
ويتحدث الشاعر أحمد شوقي في قصيدته عن الطائرة، ويشير إلى أنها لو ظهرت في الأزمان الماضية لظنها الناس إحدى المعجزات، فهي رائعة سواء أكانت مرتفعة في جو السماء، أم راسية على سطح الأرض، تثير الخوف في قلوب الناس كافة ؛ الشجاع منهم قبل الجبان، وهي وإن كانت تشبه الطائر إلا أنه لا ريش في جناحيها، بل هما مصنوعان من حديد صلب ناعم الملمس، وتطير بقوة البخار.
وعند طيرانها تظهر في السماء كأنها نجم له ذنب، فإذا أسرعت كانت كالسهم المندفع بقوة ، أما عندما تنزل إلى الأرض فتبدو مختالة معجبة بنفسها تبقى على وضعها كالطاووس المعجب بنفسه وبريشه الجميل الألوان.
إن صوتها مفزع يملأ الآفاق كأنه صوت الجن يُبَلِّغُ أخبارَ أهل الأرض لسكان السماء.
مَرْكَبٌ لَوْ سَلَـفَ اَلدَّهْرُ بهِ
كَانَ إحدَى مُعْجزَاتِ الْقُدَمَـاءْ
حَمَلَ الفُولاذَ ريشاً وَجَـرَى
فِي عِنَـانْين لَهُ: نــارٍ وَمَـاءْ
يَتَـرَاءَى كَـوْكَباً ذَا ذَنَبٍ
فَـإِذَاجَـدَّ فَسَهْمًا ذَا مَضَـاءْ
فَإذَاجَـازَ الثُّـرَيَّا للِـثرَى
جَرًكَالطَاووسِ ذَيْلَ الْخُيَـلاءْ
يَمْلأ اَلآفاقَ صَوْتاً وَصَـدًى
كَعَزيفِ اَلْجِنِّ في اَلأرْضِ اَلْعَرَاءْ