الصفات الأساسية لمعلم العلوم الإسلامية

التقاوي

عضو جديد

معلومات العضو

إنضم
6 أبريل 2010
النقاط
0
نشاط التقاوي:
3
0
0
  • الصفات الأساسية لمعلم العلوم الإسلامية
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده .. وبعد ..
فلا أحد ينكر أهمية الدين في حياة الأمم والشعوب ، ونحن - المسلمين - نعتقد أن تمسكنا بالإسلام هو سر حضارتنا وسبب رقينا ونهضتنا ، وأننا ما تخلفنا عن ركب الحضارة إلا بعد ما تركنا مصدر عزنا وتخلينا عن قاعدة انتصارنا وعزلنا عن ديننا ، وحرمنا الاحتكام إلى شريعته ، وأن السبب الرئيس في وقوفنا في مؤخرة الركب الحضاري ؛ إنما يعود في حقيقته إلى أننا عطلنا عقولنا وشغلنا أنفسنا بتوافه الأمور ، وركزنا اهتمامنا في أمور وقضايا شغلتنا عن واقعنا المؤلم في كافة المجالات .
لقد تخلفنا حقاً في كل مجال ؛ ولكن لم يكن ثمة علاقة ألبتة بين هذا التخلف وبين الإسلام ؛ إنما تخلفنا لأننا أخطأنا في تفهم طبيعة العصر الذي نعيش فيه ولم نهيئ أنفسنا مطلقاً لما تتطلبه روح العصر الجديد من متطلبات .
إن أزمتنا الراهنة ترجع في حقيقتها إلى جهلنا أو تجاهلنا لتلك المتغيرات التي طرأت على العصر ، وإلى عدم امتلاكنا لتلك القوى الجديدة التي تمخضت عن هذه المتغيرات ؛ ولذا فإننا عانينا وسنعاني من التخلف الحضاري والتقني - لا بسبب إسلامنا ؛ وإنما بسبب بعدنا عن الإسلام الذي هو في حقيقته الحضارة الحقة .
لذا فقد اكتسب ( معلم الإسلام ) ميزة خاصة ؛ لأنه المسؤول عن توعية النشء المسلم التوعية الكاملة والشاملة لمفهوم الإسلام ، والمعقود بناصيته الأمل في عودة الأمة لتبوء مكانتها الحضارية .
ورحم الله القائل :
أرأيت أعظم أو أجل من الذي يبني وينشئ أنفساً وعقولاً
لذلك فإن الصفات العامة التي يجب أن تتوفر للمعلم الكفء لأية مادة أخرى لا يكفي توفرها وحدهــا ( لمعلم الإسلام ) ؛ لأن موضــوع ( الإسلام ) شامل للحياة بأسرها فالإسلام جاء منظماً لشؤون الناس كلها روحية كانت أم مادية وثقافية وتربوية ونفسية وسياسية واقتصادية واجتماعية وأخلاقية من المهد إلى اللحد . قال تعالى :  قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين  ( الأنعام / 162)
فموضوعه إذن أدق وأشق وأعم ، ولذلك كان لابد ( لمعلم الإسلام ) من مؤهلات وإعداد يتناسب مع طبيعة موضوعه الخطير هذا !
هذه المؤهلات والمقومات - على اتساعها وتنوعها - يمكن أن توجز في أمور ثلاثة:

أولاً : غزارة العلم :

قال تعالى : وقل رب زدني علما  (طه / 114)
فلما كان الإسلام نظاماً شاملاً للحياة أصبح لزاماً على معلم الإسلام أن يلم بأمرين إلماماً واسعاً انطلاقاً من قوله تعالى:  فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها والله سميع عليم ( البقرة / 256)

الأول : إلمام معلم الإسلام :
بما في حياة الناس من اتجاهات خاطئة ومبادئ وافدة وأنظمة سائدة وأديان قائمة وتحليل لمعناها وغاياتها ووسائلها ، وبيان مافيها من فساد وإفساد وإعلان الكفر بها والبراءة منها .

الثاني : فهم الإسلام منظماً لهذه الحياة بأسرها :
إلهياً كما نزل  وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقاً لما بين يديه من الكتاب ومهيمناً عليه فاحكم بينهم بما أنزل الله إليك ولا تتبع أهواءهم عما جاءك من الحق ... ( المائدة / 48)
خالياً من الزيادة ، والنقصان  اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتى ورضيت لكم الإسلام ديناً  ( المائدة/4)
نائياً عن التحريف والبطلان  ...وإنه لكتاب عزيز لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد  ( فصلت / 41)
ومجرداً من الهوى والآراء الشخصية  أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً  ( النساء / 82)
عالمياً ومنزهاً عن الطائفية والمذهبية والعنصرية القومية المفرقة تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيراً  ( الفرقان / 1)
وشاملاً لآفاق الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والروحية والثقافية والعقدية والتربوية والنفسية ،  ونزلنا عليك الكتاب تبياناً لكل شيء وهدى ورحمة وبشرى للمؤمنين  ( 16/89)
حقاً في كل ذلك  وبالحق أنزلناه وبالحق نزل ...  ( الإسراء / 105)


ثانياً : قوة الشخصية

إن غزارة المادة العلمية وحدها لا تكفي لنجاح (معلـــــم الإسلام ) ما لم يكن مؤثراً بشخصه ، إذ الحق لا ينصر وحده ما لم تكن وراءه قوة تأخذ به ، وتذود عنه ( إن الله ليزغ بالسلطان ما لا يزغ بالقرآن ) وتعرضه على الناس كلاماً من الشفاه } يأيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس { ( المائدة / 67)
وعملاً صادراً من القلب موافقاً للقول }يأيها الذين آمنوا لم تقولون مالا تفعلون ، كبر مقتاً عند الله أن تقولوا مالا تفعلون { ( الصف / 2-3)
ووعياً وإدراكاً نابعاً من الفكر ، فكم من عالم فاضلٍ إذا تصدر قاعة الدرس أخفق في تدريسه ، وضاع علمه باضطراب شخصيته وضعفها فلم يفد منه أحد .


أبرز معالم شخصية( معلم الإسلام )


أولاً : الثقة الكاملة بالإسلام والالتزام الدقيق بتعاليمه :
فلابد من إيمانه الكامل وثقته التامة بأن الإسلام هو أشمل وأنفع وأصلح منهج لصياغة الحياة البشرية، والتزامه الكامل بكل تعاليمه وأخلاقياته وسلوكياته ومبادئه فيكون أنموذجاً حياً ومثالاً عملياً وواقعاً تطبيقياً للإسلام ، فلا يقول كلاماً ولا يعمل به فيفقد بذلك مصداقيته ولا يكون لكلامه أدنى أثر أو تأثير فيمن يسمعه؛ إذ متى يستقيم الظل والعود أعوج ؟! فيكون كمن قال الله فيهم :
} أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون{ ( البقرة / 44)
ويصدق فيه قول القائل :
يا أيها الرجل المعلم غيــــره هلا لنفسك كان ذا التعليــــم
تصف الدواء لذي السقام وذي الضنى كيما يصح به وأنت سقيـــم
لا تنه عن خلق وتأتي مثلـــــه عارعليك إذا فعلت عظيــــم
ابدأ بنفسك فانهها عن غيهــــــا فإذا انتهت عنه فأنت حكيـم
فهناك يسمع ماتقـــول ويشـتفـى بالقول منك وينفع التعليــم
فيجب عليه أن يكون قرآناً يمشي على الأرض كما كان المعلم الأول النبي الأعظم  فقد كان  قرآناً يمشي على الأرض ( وكان خلقه القرآن ) وقال ( إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق ) وأثنى عليه ربه فقال تعالى : } وإنك لعلى خلق عظيم { ( القلم / 4)


ثانياً : الورع والشعور بعظم التبعة:

والورع بعبارة موجـــــــــــــزة ( استشعارك بأن الله معك في حلك وترحـــــــــالك  وهو معكم أينما كنتم 
( 57/4)
وفي خلوتك وجلوتك وفي كلامك وصمتك  يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور  ( 40/19)
فيبتغي بعمله وجه الله تعالى ويتورع عن انتظار الأجر والثواب من غير الله تعالى { وما أسألكم عليه من أجر إن أجري إلا على رب العالمين }
(الشعراء / 109)
كما يجب عليه أن يعلم أنه على ثغر من ثغور الإسلام فيتقي الله ويحذر أن يؤتى الإسلام من قبله ويستشعر مدى عظم التبعة الملقاة على كاهله فهو مربي الجيل ،والمؤتمن على أبناء أمته ، والمسؤول عن تنشئتهم بحيث يكونون مؤمنين مطيعين لربهم ، مؤدين ما كلفهم به ، مجتنبين ما نهاهم عنه ، مدركين للمعاني العظيمة لاستخلاف الله للإنسان في الأرض ، مستشعرين عظمة رسالة الإسلام ، متشرفين بمسؤوليتهم تجاه الدعوة إلى الدين الحنيف ، مضحين في سبيله بكل مرتخص وثمين باذلين أرواحهم في سبيل الذود عن عرينه وحماه .

ثالثاً : الصفات الخاصة :

وهي صفات ما بين خِلْقِية وخُلُقِية .. فلابد من اختيار وانتقاء ( معلم الإسلام ) بعناية شديدة حتى لا يستغل بعض الطلاب العيوب الخِلْقِية فينفذون منها إلى شخصية ( معلم الإسلام )
أما الصفات الخُلُقِية فهي كثيرة جداً ، ويجب عليه أن يتحلى بها فمنها : حسن المظهر ( فالله جميل يحب الجمال ) والذكاء ( فالمؤمن كيس فطن ) والعقلية المرنة، والنفس المنبسطة المتفتحة ( يسروا ولا تعسروا ، وبشروا ، ولا تنفروا )، الرفق واللين من غير ضعف ، والحزم والشدة من غير قسوة ( إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه ولا ينزع من شيء إلا شانه ) البخاري
ورحم الله من قال :
فقسا ليزدجروا ومن يك حازماً فليقسو أحياناً على من يرحم
والتجربة ، والخبرة في الحياة ( فالحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحق بها) والثقافة العامة ...الخ


ثالثاً : أصول التدريس :

لا تكفي غزارة المادة العلمية ولا قوة الشخصية مع بالغ أهميتهما لايصال مفهوم الإسلام إلى عقول وقلوب الطلاب بفهم سليم ووعي عميق ، ما لم يكن المعلم ملماً بالنواحي الفنية التي تعينه في تدريس مفهوم الإسلام كما وضحناه آنفاً

وكما هو معلوم فإن فن التدريس قائم على ركنين أساسيين هما :
(1) الموهبة الفطرية .
(2) القواعد النظرية العلمية النافعة .


الخاتمة

وفي الختام أهيب بـ( القائمين على أمر هذه الأمة ) أن يولوا مسألة ( اخيار معلم الإسلام ) جل اهتمامهم هذا إن كنا حقاً نريد لأمتنا النهوض من كبوتها واللحاق بركب التقدم والحضارة ، وليعلموا أنهم مسؤولون أمام الله تعالى عما استرعـــاهم
( فكلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته ) رواه الخمسة
كما أهيب ( بمعلمي الإسلام ) أن يستشعروا عظم التبعة التي ألقيت على كاهلهم كي نصل بالنشء المسلم إلى الفهم العميق ، والتطبيق الدقيق لتعاليم الإسلام ، فلابد من عرض وتقديم موضوع الإسلام في صورة منظومة كاملة وشاملة ومستوعبة لكل أصوله وفروعه وتصوراته ومعتقداته وأفكاره وقناعته ومبادئه وأخلاقياته وأطروحاته لكل معضلات الحياة ومشكلاتها .
هذا إن كنا حقاً نريد العزة والرفعة ؛ لأنه لاعزة ولا رفعة إلا بالإســـــــلام
{ ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين } ( المنافقون / 8)
وكما قال عمر بن الخطاب  ( لقد أعزنا الله بالإسلام فإن ابتغينا العزة في غيره أذلنا الله )
إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

محمد عبد المحسن التقاوي
معلم اللغة العربية والعلوم الإسلامية
 

المرفقات

  • الصفات الأساسية لمعم العلوم الإسلامية.pdf
    445.2 KB · المشاهدات: 76
استقدام خادمات | مكتب ترجمة معتمدة | مكتب ترجمة معتمد | اكواد خصم | الدراسة في ماليزيا | السياحة في روسيا | صيدلية | أخبار ليبيا | الضمان المطور | تصميم تطبيقات الجوال | شركة تنظيف بالرياض | شركة سيو | شركة تنظيف | ارشفة مواقع | تسويق | دعاء الوتر | كورس سيو | ارشفة مواقع | شركة مكافحة حشرات بحائل | حجر هاشمي | شركة تسليك مجاري بالقصيم | عيادات الاسنان | عيادات ليزر جدة | تصوير المنتجات | حبق مجفف عجوة المدينة | زيادة متابعين تيك توك زيادة متابعين سي في نماذج سيرة ذاتية تعلم الاسهم الامريكية Domain Lookup تعلم الاسهم الاسهم الامريكية كشف تسربات المياه مساج منزلي الرياض Free URL Shortener خدمات seo المنزل الذكي تحفيظ القرآن عن بعد مدرسة خصوصية مطابخ متجر عطور حجر هاشمي حجر دبش اشعة منزلية متنقلة برنامج حسابات برنامج حسابات مدارس ترجمة علامة تجارية
التعليقات المنشورة ﻻ تعبر عن رأي منتدي لغتي وﻻ تتحمل أي مسؤولية قانونية حيال ذلك ويتحمل كاتبها مسؤولية النشر
أعلى